بقلم الأديبة والكاتبة السعودية… حنان حسن الخناني
نتغنى بهذه العبارة الجميلة كل عام لقدوم شهر كريم إنه شهر رمضان ، شهر الرحمات والنفحات
فيه مزايا تكسبه حرمة،
وتجعل إقبال الناس فيه على الأعمال الفاضلة منحة
هذا الشهر هو شهر القران الذي هو منار الهداية، ومطلع السعادة؛ كما قال تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185]
وإن شهراً ينزل فيه قرآناً و كتاباً يملأ العقول حكمة، والقلوب طهارة، لذو طلعة مباركة، ومقدم كريم.
ومن مزايا شهر رمضان : أنه الشهر الذي فتحت فيه مكة المكرمة، ذلك الفتح الذي علت به كلمة الإسلام في البلاد العربية،
وعلى أساسه قامت الفتوحات الإسلامية في بلاد المشرق والمغرب .
فقد جمع هذا الشهر بين مزيتين عظيمتين:
أولاً : أنه الزمن الذي أنزل فيه القرآن إلى سماء الدنيا ، أو ابتدئ فيه نزوله إلى الناس، ثم تواردت آياته على حسب ما تقتضيه الحكمة.
ثانياً : أنه كان مظهر الفتح الذي استوثقت به عرى دولة الإسلام التي مدت سلطانها العادل،
وساست الأمم بشريعة تلائم مصلحة كل زمان ومكان.
واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للناس من بين سائر الشهور
شهر يقضون بياض نهاره في عبادة الصوم،
وسواد ليله في القيام والذكر
واختار أن يكون شهر رمضان هو الشهر الذي تؤدي فيه هذه العبادات ذات الحكمة السامية، والثواب العظيم .
لما يترتب على الصيام من إصلاح النفوس، وتهذيب الأخلاق،
و أن القصد من الصيام: الإصلاح والتهذيب،
لا تعذيب النفوس بالجوع والعطش. كما يدعي اعداء الاسلام
قال: صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
وليس معنى هذا الحديث: أن من يقول زوراً، ويعمل به، ليس له من صيام، وإنما القصد منه: التنبيه على أن الصيام لا يتقبله الله تعالى بقبول حسن إلا إذا اجتنب صاحبه قول الزور والعمل به.
ولرفعة منزلة الصيام، وعظم آثره في إصلاح النفوس وتقريبها من مقام الخالق تعالى، جعل له عناية خاصة، فجاء في الحديث القدسي: أن الصوم لله، وأنه يتولى جزاءه بنفسه، ففي (الموطأ)، وغيره: ((كل حسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام، فهو لي، وأنا أجزي به)).
أضاف الله تعالى صيام العبد إلى نفسه؛ لأن سائر الأعمال تظهر على صاحبها، وقد يدخلها شيء من الرياء، والصوم لا يظهر على اصحابه،
فيكون خالصاً لله عز وجل
وأخبر في الحديث: أن الله تعالى يتولى جزاءه بنفسه؛ إيماء إلى عظم ثوابه
فإن أكرم الأكرمين لا يقابل العمل الصالح إلا بالجزاء الأوفى، وأكد ذلك بأن جزاء الصوم فوق الجزاء المضعف إلى سبعمائة ضعف.
وأمر الله بالإنفاق في وجوه البر،
وورد في السنة ما يدل على أن للإنفاق في هذا الشهر فضلاً على الإنفاق في بقية الشهور، يظهر هذا من حديث ابن عباس، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان))، وفضيلة التأسي به – عليه الصلاة والسلام – تدعو إلى بسط اليد بالمعروف في هذا الشهر أكثر من بسطها فيما عداه من الشهور.
حتى يجد الفقراء من إحسان الأسخياء راحة بال، وقضاء حاجاتهم
فيقبلوا على الصيام والقيام بنشاط.
فأمر الله بتلاوة القرآن تمكيناً لحجته، واستضاءة بنور حكمته، وجاء في السنة ما يرشد إلى الاستكثار من تلاوته،
، ونبهت السنة على أن من جزاء القيام في ليالي رمضان غفراناً يمحو الخطايا السابقة
قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه))