قال سبحانه: ” فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ (32)” (النجم) كل إنسان لا يستطيع أن يزكى نفسه ويجعلها من الفئة الناجية، كيف يحق للإنسان أن يكون قاضيا على نفسه، بينما ذلك الحق محصور لحق الله فى الحكم له وحده على خلقه يوم الحساب، وعلى المسلم أن يؤدى العبادات ويلتزم بالتشريعات القرآنية، ويطبق الأخلاقيات والفضيلة التى أمر الله المسلم أن يمارسها فى سلوكياته ويعمل الصالحات.
وقد وصف الله سبحانه الصادقين والمتقين فى قوله: “ ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)” (البقرة).
وبرغم التزام المسلم بما جاء فى الآية المذكورة أعلاه وتطبيق كل شروطها فى حياته، فإنه لن يستطيع أن يحكم بنفسه أنه من الفئة الناجية، وذلك الحكم عند الله سبحانه يوم القيامة، حين يخاطب الناس بقوله: “ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ (32)” (النجم).
فكل يصنف نفسه من الفئة الناجية المجهولة التى لم يصدر بها حكم من الله حتى تقوم الساعة فكيف لأهل البهتان والباطل يميزون أنفسهم عن الناس ويتعالون على خلق الله بأنهم المقربون عند الله وأنهم من الفئة الناجية.. فمن الذي سيقرر ذلك الحكم؟ ومتى سيقضى الله بحكمه على الناس ليميز الخبيث من الطيب، وليحكم على العباد من الذين هم أهل الجنة الفئة الناجية، ومن هم الذين من أهل النار الفئة الباغية.
فليتقوا ربهم وليستعدوا بالأعمال الصالحات وليلتزموا بكتاب الله قولا وعملا ولا يستبقوا حكم الله عليهم، فذلك تزوير وافتراء والغيب لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه يبين للناس قواعد الحكم على الناس بقوله : “ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) ” (السجدة).
ذلك هو المنهج الإلهي الذى سيتم محاسبة الناس على أساسه، فعلى الإنسان أن يختار بين المنهج الإلهي ويلتزم بقواعده لتكون الجنة جزاءه وأمًا اختياره لمنهج الروايات والإسرائيليات وخداع نفسه بأنه من الفئة الناجية فإنه سيلقى فى نار جهنم خالدا فيها بما سولت له نفسه وأغواه الشيطان وقد حكم الله على المتكبرين بقوله: “ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)” (القصص).