قال تعالي ( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجاثية29
**-جاء لفظ الاستنساخ في القرآن الكريم مرة واحدة فما هي دلالته في موضعه في القرآن ؟
روى ابن وهب :- أن عبد الله بن مسعود قال : إن أول شي خلقه الله عز وجل من خلقه القلم ، فقال له أكتب فكتب كل شيء يكون إلى قيام الساعة ، فيجمع بين الكتاب الأول وبين أعمال العباد فلا يخالف ألفا ولا واوا ولا ميما ، وتأكيد ذلك من كتاب الله عز وجل قوله تعالي ( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجاثية29
استنساخ الاعمال ذكر الحق تبارك وتعالي في الآية لفظ نستنسخ ولم يستخدم لفظ ننسخ و النسخ يعني الكتابة وهي تدوين وكتابة أعمال العباد بعد حدوثها ، وبالرغم من ان الملائكة تحصي اعمال العباد بعد وقوعها إلا أن جاء بلفظ الإستنساخ لبيان أن هناك نسخة أخري هي الأصل ، فالمقصود بالكتاب في الآية الكريمة هو الكتاب الأول والذي ذكره ابن مسعود في الرواية وهو اللوح المحفوظ والذي قدر سبحانه وتعالي ودون وكتب فيه كل شيئ إلي قيام الساعة ، بل وأحداث الساعة وما بعدها كل في محيط علمه وتقديره وتدوينه .
ولما كان ما يكتبه ويدونه الملائكة من أعمال العباد مطابقاً لما هو مدون ومكتوب في الكتاب الأول صار تدوينهم للأعمال وكأنه نقل من اللوح المحفوظ لذلك استخدم الحق لفظ الاستنساخ للدلالة علي هذا المعني ، وفي رواية ابن مسعود : عند الجمع بين الكتاب الأول وبين الكتاب المدون فيه أعمال البشر لا يخالف ألفاً ولا واواً ولا ميماً يوجد التطابق التام .
إن كان الكتاب الأول كتب بعلم الله الأزلي المسبق إلا أنه ليس للقهر والإجبار وإلا كان الإنسان مجبراً علي أفعاله وهذا غير صحيح وينافي الواقع فأفعاله تحدث بإرادته وعندما تنتفي الإرادة ينتفعي الحساب
أما استنساخ البشر تكون النسخة مطابقة للأصل في الشكل فقط دون المضمون ، لأن الإنسان مكون من شقين جسد يمكن استنساخه ، وروح ليس للإنسان عليه سيطرة ، لذلك استنساخ البشر هو في الظاهر صحيح لكن في الواقع مختلف .