مع مطلع ثورة يوليو المجيدة سنة ١٩٥٢ تم تغيير إسم وزارة المعارف ليكون ” وزارة التربية والتعليم ” ..
ولم يطلق هذا الاسم على الوزارة جزافا بل كان يحمل المضمون ذاته عن وعي وقصد للتربية والتعليم ..
وكانت المدرسة عبارة عن مبنى يضم حديقة صغيرة ومبهجة . وفناء يصطف فيه التلاميذ صباحا بنظام بديع قبل دخولهم إلى فصولهم الدراسية . كما يمارسون فيه أنشطتهم الرياضية خلال حصة مخصصة تحت إشراف معلم التربية الرياضية .
وكان مبنى المدرسة يضم غرفا بأسماء المواد التي يتم تدريسها كغرفة التربية الموسيقية وغرفة التربية الرياضية . كذلك للتربية الزراعية والتربية العسكرية ( للثانوي فقط ) وغرفة للاخصائي الاجتماعي . وغرفة المعمل ( للكيمياء والفيزياء ) وغرفة التربية الفنية ( لتنمية مواهب الرسم والزخرفة والنحت ) . واخيرا غرفة المكتبة والتي كانت تضم كنوزا من الكتب القديمة والحديثة وقد رصت بنظام يسهل الوصول الى الكتب المطلوبة لينهل منها التلاميذ مايروي ظمأهم الفكري والمعرفي . وجدير بالذكر أننا كنا نتسلم كراسة نأخذها الى المكتبة في حصة مخصصة للاطلاع وقد طبعت تلك الكراسة بشكل يسمح للتلميذ بعد القراءة أن يسجل بها عنوان الكتاب ودار النشر وعدد الصفحات ورقم الكتاب المسلسل المحفوظ به على الأرفف واسم المؤلف أما الأهم فهو الزام التلميذ بكتابة ملخص والمغزي من الكتاب أو الرواية التي قرأها في عشرة أسطر تقريبا يطلع عليها أمين المكتبة ويشيد بأحسنها أمام التلاميذ فتنمو لديهم روح المنافسة الشريفة في كثرة الاطلاع والتعبير .
كما كان في كل حجرة دراسية توجد سبورة سوداء وطباشير جيري للشرح والتعليم وهي ايضا تمثل ورقة امتحان دائمة يعرف من خلالها مستوى كل تلميذ فيعمل على رفع مستواه ولا يزيد في درجاته مجاملة ولا ينقص منها لإرغام التلميذ على تعاطي درسا خصوصيا .
وبالمناسبة كانت المدارس الخاصة للمتعثرين دراسيا وكذلك الدروس الخصوصية ..
هكذا كانت التربية تحظى بالاهتمام كما التعليم . لا ينفصلان .. إذ كانت المدرسة تحل محل البيت الذي فيه أب وأم لا يعرفان القراءة أو يقضيان الوقت في العمل ( الاب خارج البيت والام تقوم بأعمال البيت وتهيئة ما يلزم للأسرة من أمور حياتها ) .
هكذا كانت المدرسة التي خرج منها عظماء مصر في كل المجالات من جيل الخمسينيات والستينيات .
ويبقى السؤال الاكثر أهمية : هل يخرج من بين تلك المدارس التي هذا حالها ومع تلك التربية السليمة الراقية المهذبة وذاك التعليم النافع السلس الهادف . هل يخرج إرهابيا أو مجرما متطرفا ؟
الإجابة وبكل تأكيد : لا . إلا حالة تشذ عن القاعدة ترعرعت بين أحضان بيت متطرف السلوك أو مشوش العقيدة والفكر .. أما السواد الأعظم فهم الأسوياء النجباء بناة مصر وحماتها من كل خطر واعتداء …