سعت الإنسانية علي اختلاف عصورها إلي تحرير الإنسان من أي ضغط أو إكراه، حتي يكون في وسعه إذا ما تجرد من الخوف والجوع وسائر ما يؤثر في إرادته أن يكون حرا، يستطيع التعبير عن ذاته، والاستفادة بملكاته في سائر جوانب الحياة التي يعيشها. إن حرية الناس في التعبير عن مشكلاتهم وطموحاتهم يمكن أن تحقق لهم الوصول إلي حلول مقبولة عقلانيا لإتاحة العديد من البدائل التي يمكن الاختيار من بينها. يتطلب الحوار المثمر بين أبناء المجتمع الواحد في أي مجال من مجالات الحوار ثلاثة شروط أساسية : أولها الاحتكام الراسخ إلي العقل الذي يألف الحوار والجدل والاحتكام إلي المنطق من خلال طرح المعطيات التي تقود إلي نتائج مقبولة عقلانيا، وليس الانسياق إلي العاطفة والتمسك بأفكار جامدة غير قابلة للتعديل بسبب التحيز المسبق لشخص أو جماعة أو فكرة ما. وثاني هذه الشروط انحسار الحصانة أو الامتياز لأي فرد أو فئة في المجتمع، فالمواطنون لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة،أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوي الاجتماعي،أو الانتماء السياسي أو الجغرافي،أو لأي سبب آخر. وثالث هذه الشروط توافر بيئة صالحة للحوار يسودها التسامح بين المتحاورين، ويتمكن فيها المحاور والمتحاور معه من حق الاختلاف، وحق الاعتراض، وعدم مصادرة أي رأي طالما ينطلق من أرضية وطنية تراعي مصالح الدولة العليا ومتطلبات الأمن القومي، وللحديث بقية .