يتطلب الحوار المجتمعي ثلاثة شروط مسبقة هي الاحتكام إلي العقل والمنطق، والمساواة الكاملة بين أطراف الحوار، ووجود بيئة يسودها التسامح والتعاون بدلا من الخصومة والتناحر، فالصواب والخطأ ليس حكرا علي فرد ما أو جماعة ما دون غيرها، وهو نتيجة منطقية للإيمان بالعقل الذي يصيب ويخطئ. وكما يري الفيلسوف البريطاني “جون ميلتون” إن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلي الصواب في مسألة من المسائل حتي يستمع إلي آراء المخالفين له في هذه المسألة، ذلك أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيح لها فرصة مواجهة الحقائق الأخرى في وضوح وحرية تامة “ويؤكد ميلتون” أنه من غير المنطقي أن نفترض أن أي نظام حكم يمكنه إرضاء كل الناس في كل الأوقات، أو أن كل ما تقوم به الحكومات سوف يحقق العدالة، ولكن إذا ما توافر في المجتمع مناخا مناسبا من حرية الرأي والتعبير، وتبادل الأفكار والآراء حول السياسات الحكومية، وإذا كان من يحكمون يرغبون في الاهتمام بهذه الآراء، فإن النتيجة المنطقية سوف يحقق المعادلة بين ارتقاء أداء الحكومة، وتلبية احتياجات المواطنين". وفي جميع الأحوال، لابد أن تحمي سلطات الدولة مكتسبات الناس الشخصية والطبيعية، وحقهم في التعبير، وحقهم في انتقاد المسئولين الذين يسيئون استخدام سلطاتهم التي يخولها لهم القانون. إن الهدف الأساسي من الحوار المجتمعي هو الوصول إلي حالة من التوافق العام بشأن رصد الحاضر واستشراف المستقبل، وهو ما يفرض علي وسائل الإعلام التقليدية والرقمية أن تكون منصات مفتوحة للحوار المجتمعي، وللحديث بقية.