الريادة الإعلامية هي عمل وإنجاز وإبداع وتميز وليست المشكلة في الوصول لموقع الريادة بل المشكلة الحقيقية في الاحتفاظ بموقع الريادة بمعنى القدرة على المنافسة وهناك عوامل عديدة تحقق هذا المنحى اهمها عاملان
– العامل الابداعي
– والعامل الاقتصادي ودعونا نتحدث عن العامل الثاني بشيء من التفصيل !
يمكننا القول لابد أن يضع أي صانع سياسة إعلامية في اعتباره اقتصاديات مشروعه الإعلامي الذي يتعامل معه بعباره أخرى عليه أن يحقق أعلى أداء ممكن بأقل تكلفه ممكنه وعلماء الإقتصاد يقولون عنها التكلفة الحدية وهي تلك النفقات التي إذا قلت عن حد معين فإنها تؤثر على أداء المشروع وكذلك ليس شرطا أن تحقق النفقات الباهظة آداءا متميزا فكثير من التجارب في الإعلام التقليدي لم يقدر لها الاستمرارية والنجاح رغم المليارات التي صرفت عليها وهناك تجارب في الإعلام البديل حققت بأقل تكلفة نجاحا منقطع النظير مع الأخذ بعين الاعتبار ان هذا الأمر لا ينطبق على الوسائط القديمة .
وفي اعتقادي أن الحكم على نجاح أي تجربة إعلامية في مجالي الإذاعة والتليفزيون لا سيما في مجال الأخبار يتم من خلال ثلاثة معايير متفق عليها :
(اولا) توافر بنيه تحتية قوية تشمل النقل الحي المباشر ووجود شبكة مراسلين فاعلة في بؤر الأحداث الساخنة وعواصم الدول الكبرى وغرفة اخبار رقمية تمتلك سيرڤر ( خادم ) حديث غني بالمواد المرئية غير الخدمات الإنتاجية الاخرى .
(ثانيا) محتوى جيد يستند إلى قاعدة بيانات مرنة ومتطورة سواء فيما يتعلق بالافكار البرامجية أو مصادر الأخبار و خطط أساسية وبديلة للتعاطي مع الأزمات والأحداث ويتمتع هنا صانع المحتوى بحرية حركة تمكنه من تحقيق السبق في إذاعة الخبر وفق القيم التحريرية التي يأتي في مقدمتها الدقة والتوازن والموضوعية والشفافية والتنوع والمحاسبة وهذا مرتبط بشكل أساسي بحرية تداول المعلومات !
(ثالثا) كوادر مهنية مدربة بشكل احترافي على الوظائف الإخبارية يتم اختيارها وفق معايير تستند إلى توافر شروط الأداء السليم وتمتع المتقدم لاي وظيفة إعلامية بمهارات إبداعية ومتابعة جيدة للأحداث الجارية بما يساعده على عرض كل ماهو جديد وينطبق ذلك على العاملين أمام الكاميرا والميكروفون وخلفهما ومن الضروري أن يكون الإعلامي في عصر الانترنت متسقا مع كل التطورات الاتصالية خاصة في مجال السوشيال ميديا أو الإعلام الاجتماعي !
إذن يعتبر تدريب العنصر البشري المستمر والمتطور شرطا أساسيا لنجاح أي مشروع إعلامي مرتقب .
إن الإعلام في عصر الانترنت أصبح يقدم خدمات إخبارية بتكلفة اقتصادية بعد أن حلت المنصات الإليكترونية محل الأقمار الاصطناعية ونوضح ذلك بالارقام .
– كان حجز القمر الاصطناعي 15 دقيقة يكلف حوالي 900 دولار
– بالإضافة إلى مصور بكاميرا تعمل بتقنية البيتاكام ولا تقل ساعة تصوير عن مائة دولار
– وحجز غرفة مونتاج الساعة ب70 دولار لمدة ساعتين على الأقل
– أي أن التقرير الاخباري عندما كان الدولار ب 8 جنيهات كان يتكلف حوالي 14 الف دولار !
– الان مع خدمات الانترنت أصبحت هذه التكلفة مجانية أو بتكلفة زهيدة ويدرب المراسل على يصبح شاملا يشمل أيضا التصوير بكاميرا عادية أو هاتف نقال عالي الجودة ويتم المونتاج باستخدام كومبيوتر عادي او نقال وهنا لن يزيد اجر المراسل في هذه الحالة عن 400 دولار ربما هذا الرقم في ظل التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار محليا قد نراه كبيرا لكن بالقياس إلى ما كان يتم دفعه اعتقد الأمر أقل بكثير حيث تكلفة التقرير الاخباري!
– بعد أصبح الدولار حوالي 19 جنيه تكلفته لا تزيد عن 8000 جنيه !
– ولعلي أتعجب من خلال متابعتي مؤخرا للخدمات الإخبارية المحلية أن شبكة المراسلين تكاد تكون غير موجودة رغم أن قطاع الأخبار بالتليفزيون المصري مثلا لديه كوادر مدربة تدريبا عاليا على ادارة شبكةالمراسلين والتبادل الاخباري باحترافية !
– وأتساءل لماذا لم تعد هناك شبكة مراسلين رغم الانخفاض الفعلي للتكلفة كما اوضحنا؟
في تصوري أن السبب يعود إلى أن الأخبار خدمة لا تقدم عائدا اعلانيا مثل الدراما والمنوعات إلا في أضيق الحدود !
وبالرغم من هذا أقول ونحن على أعتاب تجربة جديدة لاستعادة الريادة الإعلامية بما يليق باسم مصر لابد أن ندرس جيدا كل ما تقدم من تجارب واكرر لا نتسرع في البدء إلا بعد التأكد من نجاح التجربة !