كنت أتابع منذ شهور قليلة موكب نقل مومياوات ملوك مصر إلى المتحف الكبير . غفوت بضع دقائق ورأيت كما يرى النائم أني استوقفت إحدى العربات الناقلة للتوابيت وكان عليها جثمان مهيب يبدو أنه كبيرهم ” سكنن رع ” : وسألته :
– يا ملك مصر القديمة هل تعلم أين تنتهي رحلتك ؟
– أجابني : يقولون أنهم سينقلوننا إلى متحف كبير سيكون مزارا سياحيا لمن يهتمون بنا وبتاريخنا وبآثارنا أكثر منكم .
سألته : وهل ترى أننا لا نهتم بتاريخكم وبآثاركم ؟
رد قائلا : تصلني معلومات أنكم مهتمون بكائن يسمى ” شيرينو _ رع ” ومهووسون بآخر يدعي ” صافي ناروف “. ومنشغلون بما يسمى ” تيك توك ” من اجل المال والشهرة . كما أصبح لزوجاتكم مجلسا قوميا .
قلت : معاك حق يا “سكنن “. يا خويا .
انتفض الملك من تابوته وصرخ في وجهي : سكنن في عينك ولد ماتختشيش ، انت بتكلم ملك مصر ياولد .
قلت له : أنا آسف يا جدي المعظم . وبعد أن هدأ قليلا قاللي : أكمل . فسألته : ولكن ياجدي هل تخبرني كيف بقيت جثتك ولم تتحلل حتى الآن ؟
– أجاب بفضل العلم والبحث يا بني ، ولو بحثتم وشجعتم العلماء والنجباء من أبنائكم حتى لا يهاجرون يبحثون عن فرص تحقيق أفكارهم وبحوثهم لعلمتم الكثير ..
سألته : وهل أنت راض عن مستوى التعليم والبحث العلمي لأحفادك ؟
صمت ، ونظر لي معاتبا ونطق بنبرة حزينة : لا ياولدي . لست راضيا بل حزينا وقلقا عليكم من تأخركم عن الشعوب التي نقلت عنا علومنا ومهاراتنا في كل مجال حتى أصبحت أقوى وأغنى منكم .
سألته :
– ياملك مصر المعظم هل كنتم تستوردون مواد ” تحنيط ” الجثث و لقاحات الأوبئة المعدية والأدوية العلاجية من خارج مملكتكم ؟
صرخ في وجهي : ” إنت بتهرج يلا . لقاحات ايه وأدوية ايه اللي نستوردها واحنا اساتذة العالم .. إسمع ماتصدعنيش ياابني انت وقول كل أسئلتك مرة واحدة .
فسألته :
– ياملك مصر المعظم هل كنتم تستعينون بخبراء يابانيين وصينيين لوضع طرق التدريس لأطفالكم ؟
– ياملك مصر المعظم هل كان لديكم “جوزيه ” و ” كوبر ” لتدريب نادي ( طيبة ) والمنتخب الفرعوني ؟
– ياملك مصر المعظم هل كان في زمانكم من يزعمون انهم مطربون أفذاذ مثل ” أورتيجاسيس ” و ” حمو محب ” و ” شاكوشيتي ” و ” كزبروفو ” ؟ ، وهل منح نادي ” مصر الجديدة ” في زمانكم لقب الأم المثالية للملكة ” نفر فيفي ”
– ياملك مصر المعظم هل كان بين بناة أهرامكم ، و صناع حضارتكم ، و الذين حاربوا لحماية مملكتكم حتى أستهلكتم طاقتهم ألقيتم لهم الفتات من الطعام والقليل من المال ليشترون منه الدواء وينفقون على تعليم أبنائهم ؟
– ياملك مصر المعظم هل .
لكنه لم يدعني أكمل السؤال .
ورأيت الغضب قد اعترى وجه الحاج” سكنن رع ” وصاح : ولااا . إنت مش كنت رايح ” رمسيس ” او ” العتبة ” ؟
قلت له : أيوه ..
قاللي : غور . إجري إلحق العربية الأخيرة . دوشتي يلااا ، خنقتني .
قلت له معتذرا : آمون آمون ..
قاللي : وات What ؟ ( بالهيرو غليفي طبعا )
فحبيت أتمنظر عليه كعادتنا كمصريين بكلمتين اوروبي إتأسفت له بالانجليزي ” سوري ” . وشكرته بالفرنساوي ” ميرسي ” ياجدو ..
استيقظت فوجدتني في مكان تحيطه الأبراج العالية يتحدث قاطنوه الانجليزية والفرنسية والصينية والعربية بلهجة خليجية وعرفت من موقعها انها مدينة ” العلمين الجديدة “