الفيروسات أجسام دقيقة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة تصيب الانسان عن طريق العدوى ، وكأي مرض يكون من الحكمة الوقاية منه قبل مداهمتة للجسد و إن حدثت الإصابة فمن الممكن منع مضاعفاته وعلاجه بالأدوية والعقاقير ، أما المرض الأخطر من ” كورونا ” فهو الجهل ، والجهل عكس العلم والمعرفة ، وللدقة يجب أن نفرق بين الجهل بالمعلومة ( بمفهومه العام ) والجهل بالقراءة والكتابة وهو ( الأمية ) فالجهل بالمعلومة يمكن معالجته بتوفير مصادر المعرفة والثقافة وزيادة الوعي بالوسائل المرئية والمسموعة ، وتبقى وسيلة القراءة والكتابة .
و السؤال الأول : كم تبلغ نسبة الأمية في مصر الآن ؟
الإجابة : ليس هناك رقما حقيقيا . لماذا ؟ . لأننا نكتشف كل يوم من لا يعرفون القراءة والكتابة ممن لم يلتحقوا بالتعليم والبعض لا يجيدونهما ممن أتموا المرحلة الثانوية العامة أو الفنية وإن كانت نسبتهم هي الأقل ما يدفعنا الى طرح أسئلة أخرى تتصل بالسؤال السابق فمثلا : هل وزارة التربية والتعليم لا تزال تولي مشروع محو الأمية عنايتها بزيادة الفصول وتوفير المعلمين المؤهلين اللازمين ومستلزمات عملية التعليم للكبار ؟..
هل تتأكد الوزارة من دقة الإحصائيات التى ترد اليها من هيئة تعليم الكبار عن إجمالي عدد المتقدمين وأعداد الناجحين كل عام بعد إجراء الإمتحانات التحريرية والشفهية المقررة ؟
إن ما يعنيني بالطبع هو النتائج الحقيقية الصادقة لمن تم محو أميتهم ( فعليا وليس إحصائيا على الورق ) .
أخيرا .. فمحو الأمية يجب أن يكون على قمة إهتمامات الدولة ( كمشروع قائم وموجود ) لما يترتب عليه من أمور كثيرة منها على سبيل الأمثلة زيادة الوعي الصحي الذي يجنب الدولة تفشي الأمراض والأوبئة و يوفر ما ينفق علي طرق الوقاية منها وعلاجها من مبالغ باهظة ، كما يفيد كثيرا محو الأمية في زيادة الوعي السياسي والذي يساعد على إدراك عوامل الأمن القومي والحرص على مقدرات الوطن وقوة أداء مؤسساته وعدم إفشاء أسراره عمدا أو جهلا ، وبالقراءة والاطلاع تحدث زيادة في الوعي الاجتماعي الذي يهذب أسلوب التعامل بين الأفراد فيما بينهم فتقل قضايا التخاصم والخلافات التى تصل أحيانا الى القتل ، كما أن إجادة القراءة والإطلاع تزيد من الوعي الفني الذي يرتقي بالذوق العام ويرهف الحس مما يضفي على الحياة جمالا وتفاؤلا ونبذا لكل قبيح من كلمة أو لحن أو عملا تمثيليا تتأذى منه العين والأذن وتشمئز منه النفس . والأهم من ذلك كله زيادة الوعي الديني والقانوني في حدود ماتقتضيه تعاملات الأفراد مع بعضهم ومايجب على الفرد معرفته من حقوق وواجبات وبذلك نقضي أو نحد من الوقوع في أخطاء فقهية وعقائدية تصنع بلبلة بين المختلفين ، كما أن الوعي الديني والقانوني يجنبان البعض الوقوع فريسة لأصحاب العقول المتطرفة فكريا الذين يرون في إرهاب وقتل المختلف معهم فريضة تقربهم إلى الله زلفى .
لذلك أرى أن الإنفاق على تعليم النشئ الصغير ومحو أمية الكبار والمتسربين يقلل من نفقات مقاومة الأمراض والإرهاب والجريمة بشكل عام . فلننتبه إلى ضرورة تضافر الجهود سواء كانت رسمية تتبناها الدولة أو تطوعا بشكل فردي من كل قادر على محو الأمية لأي عدد ممكن .. فمصر التي علمت العالم عار على أبنائها أن يكون بينهم جاهل .