من حق الأجيال الجديدة معرفة التقييم الصحيح لما حدث في الفترة مابين 25 يناير الى 11 فبراير 2011 على المستوى الإعلامي اقول 18 يوما كانت مصر فيها حبلى بالاحداث الجسام عشتها مراقبا عن كثب !
في البداية كانت هناك استهانه بها من قبل صانعي القرار في ماسبيرو آنذاك ولكن النُذر كانت تشير إلى تصاعد الموقف على نحو لم يكن متوقعا بل تحول المظاهرات الرافضة للتجاوزات الأمنية إلى انتفاضة شعبية غير مسبوقة وفي الوقت نفسه لم يكن هناك إدراك أو قراءة صحيحة لما حدث في تونس في ديسمبر 2010 وإن القراءة الأعمق هي أن ثمة رغبة (خارجية) في التخلص ( الذاتي) من الأنظمة العربية الضعيفة أو فقدت صلاحيتها وحسب اولوية الترتيب تونس وليبيا وسوريا ومصر واليمن والعراق ولكن الظروف الداخلية لمصر غيرت الترتيب وساعدت على ان تكون مصر رقم (2) في عملية التغيير!
واصطلح في ادبيات العلوم السياسية والتغطيات الاعلامية بتسمية أحداث التغيير في المخطط لها في المنطقة العربية ب ( ثورات الربيع العربي ) ورغم وقوعها في فصل الشتاء إلا أنها اقترنت بالربيع للتأثير المعنوي في الإتجاه الإيجابي بالشعوب المستهدفة واعتقد ان وهن النظام في مصر وقلق المؤسسة العسكرية من فكرة التوريث وغليان الشارع في مصر العميقة كان المحرك الاساسي لسرعة درامتيكية الآحداث ولهذا كان الإعلام في ذلك بين شقي الرحى نظام الحزب الوطني والقوات المسلحة التي كانت الأقرب الى نبض الشارع الذي تبلور في اعتصام ميدان التحرير !
قلت فيما سبق الإعلام هون من الأمر ثم فوجئ باتساع سقف الاستحقاق الجماهيري في الميدان القريب من مركز صنع القرار في مبنى ماسبيرو وللحق اقليميا وعالميا اضحى ميدان التحرير ايقونة التغيير الثوري فيما تجاهل الإعلام الرسمي ذلك وكل مافعله هو تصوير صامت منقول على الهواء لكوبري اكتوبر من خلال كاميرا مسلطة عليه من احدى حجرات قطاع الأخبار بالدور الخامس!
ورويدا رويدا رجحت كفة الجماهير ومالت نحو توجه المؤسسة العسكرية من ضرورة رضوخ نظام الرئيس مبارك لمطالب الجماهير وهي مطالب كانت تزيد يوما بعد يوم ثم تمحورت حول مطلب أساسي وهو رحيل نظام مبارك الذي تحقق يوم الحادي عشر من فبراير وبات واضحا ان حقبة 30 عاما من حكم الحزب الوطني قد انتهى فعليا وانتقلت السلطة مؤقتا الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو قرار صائب من وجهة نظري جنب الوطن الانزلاق نحو الفوضى !
وبدات مرحلة جديدة في التعامل الإعلامي مع ثورة بلا رأس أو قيادة وتسللت الى الميدان قوى سياسية من بينها جماعة الاخوان قامت باجهاض الثورة أو بالاحرى إخطفتها !
واعتبارا من الاول من ابريل 2011 اعتمد التعاطي الإعلامي مع الثورة والثوار في الميدان على مبدأ التوازن وتجنب أخطاء الإعلام في مرحلة ال 18 يوما وتحقق ذلك من خلال النقل المباشر الحي لفاعليات الميدان وارى انه مبدأ أساسي كفر خطأ تجاهل الآحداث بتصوير مصمت لكوبري اكتوبر !
ولقد كانت عملية دخول الميدان من أصعب ما تكون لأنه استوجب التفاوض مع أكثر من ائتلاف ثوري جميعها تدعي الحديث بإسم الثورة !
وبحمد الله نجحت كاميرات التليفزيون المصري في الدخول الى الميدان الذي تحول الى شوادر واركان كل منها تعبر عن ائتلاف أو قوى سياسية معينة ونقلنا بشكل يومي أحداث ميدان التحرير خاصة أيام الجمع التي ارتبطت بشعارات ومطالب القوى الثورية وفي الوقت نفسه تم التنسيق بسلاسة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي مساحة حرية غير مسبوقة سواء للتغطيات الإعلامية أو للظهور الإعلامي لمختلف رموز القوى السياسية !