(1)
العصمة في يد الثقافة.. إذ يمكنك أن تقتني أحدث منجزات تكنولوجيا العصر، وباستطاعتك أن تشتري أحدث «موضة»في كل شيء، وبإمكانك أن تضع العالم عند أطراف أصابعك، لكن من المستحيل، أن تستأجر »أدمغة«و»عقولا» أوتزرعها في أرض ما، وفي مجتمع ما، وفي بيئة ما، أو يفترض ذلك!.
العصمة في يد الثقافة.. إذ هي مسألة جذور وتجذر، تكوين ومكونات، تشكيل ودلالة، إبداع مهما كان الإتباع، جوهر وجواهر، لا ظواهر ولا مظاهر ولا أقنعة.
نعم.. العصمة في يد الثقافة.. بيد أن المفارقة تتجلى أليمة، حين أضع هذه «الفرضية»موضع الاختيار، وتحت المجهر، فتخرج النتيجة حسيرة، مع الأخذ في الإعتبار أن التعميم ظاهرة قاتلة ومرض فكري عضال.
المال الثقافي، سلاح أصبح يستخدم علي نطاق واسع بشع، وبشكل جشع، والثقافة تحولت إلي سلعة رائجة، تباع وتشترى، ويجري فيها «الفصال» و«المساومة» وظهرت شرائح فكرية تحت العرض والطلب: اكتب لنا تقبض منا.. فكر علي طريقتنا ندفع بأسلوبنا.. تحدث كما نريد ندفع لك ما تريد، اعطنا اسمك واترك الباقي علينا ولنا.. وكله بحسابه.. والمزاد مفتوح ومفضوح!.
ومع التأكيد باليقين غير المراوغ، على أن العصمة في يد الثقافة.. إليكم هذه »العينات» المراوغة..
(2)
كاتب يقول إنه«كبير أوي»! وله قرينه الذي يماثله، ظل الاثنان لا هم لهما إلا الإيحاء بأن القضية الفلسطينية قضيتهما الأسياسية يبكيان ليل نهار على الشعب الفلسطيني الذي لا يجد قوت يومه»، وهما يقبضان راتبا شهريا من «منظمة التحرير الفلسطينية» وقد سمعت من الزعيم الراحل «ياسر عرفات« أثناء زيارة له إلى مسقط، أسماء كبيرة تمارس هذه اللعبة، وكانت صدمة لي، والأقنعة لاتزال ملتصقة.
(3)
و.. ناقد و«أستاااااذ… »يحكم في أكثر من جائزة سمينة وثمينة، بلغه الكبر، حتى بلغ من الثراء عتيا. واللهم لا حسد، يتفق مع المتقدم لنيل الجائزة، يمنحه الفوز مقابل أن يقتسم معه مبلغ الجائزة، تكررت هذه اللعبة فإئا بكاتب فائز يكسر دائرة السرية ، لكن «الأستااااذ» لا يزال يحكم هنا وهنا( وموش ملاحق).
(4)
أثناء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 وفي خضم أتونها، استغلت مراكز البحوث الصهيونية اسم مؤرخ ومفكر أعدت دراسة باسم سيادته، بكل اللغات الحية في العالم، لإثبات حق الصهاينة تحت اسم اليهود في مكة والمدينة وبقية شبه الجزيرة العربية ووثقت ذلك بالخرائط والمستندات – الوهمية طبعا – ودفعت لذلك الرجل المثقف ما دفعت، وظهر الكتاب القيم باسم المؤلف العربي، وصار مرجعا ومرجعية، وجرى استثمار ذلك إعلاميا بشكل لم يعد يقبل التراجع، هذا مؤلفكم، وهذا كتابه، وهذا ما يقوله، ولا علاقة لنا به!!.
(5)
باحث أثري آخر طرح كتابا موسوعيا، لا يمكن إلا أن تقف عليه مؤسسة، ومؤسسة ثرية لإعداد الكتاب إعدادا أكاديميا، وطباعته طباعة فاخرة جدا على نفقة شخصية قيادية عربية، ممن جذورهم في الهواء، ليكشف بالمرجعية الأثارية أن «أرض المعاد«ليست في «فلسطين» إنما في جنوب الجزيرة العربية، وتم وضع اسم الباحث عليه بـ«البنط العريض»وقد فرح بهذه الشهرة والأستاذية.. والتزييف.. والتحريف!!.
(6)
كثير من النقاد والمفكرين،مع التحفظ، يدبجون المقالات القيمة والدراسات البليغة، عن كاتب وهمي، أو أديب هش، في دويلات يجعلون منهم عمالقة في الإبداع، ولديهم القدرة والجرأة علي تغيير اسم محور الدراسة واستبداله بآخر، وهم علي مقاعد الطائرة، ودراسات سياسية يتم استبدال اسم الحاكم،واسم الدولة «حسب الطلب»!.
(7)
محدثون في كثير من الفضائيات يتحدثون بالثانية والدقيقة و»العداد بيعد»كما تريد هذه الفضائية أوتلك، فقط عليه أن يلتزم بالإشارات ومنهجية القناة، واستراتيجية البرنامج، وسياسة صاحبها علي طريقة«قل ما نريد ..ندفع ما تريد» أحدهم خالف ذات مرة ففضحته المذيعة مؤخرا, وأحدهم سمعته يتحدث في الهاتف: هل لديكم مكتب انتاج؟ كم تدفعون؟ ماذا تريدون..و.. و..!.
(?
ولأن توظيف أدعياء الثقافي وأنصاف المثقفين (إياهم) يجري علي قدم وساق، شاهدت أحدهم يجالس ممثلاً لإحدي المؤسسات الأجنبية، يعرض الممثل عليه «شيكا علي بياض» مقابل « تشكيلة من المقالات» عن ثقافة السلام بين مصر واسرائيل، لنشرها في كبريات الصحف الإقليميةوالأجنبية..!!.
(9)
كيان جديد، لا سينما لديه ولا مسرح، يقيم مهرجانات تستقطب بأمواله من يشاء، فقط لإلهاء الذائقة والوجدان عن قوة مصر الناعمة تاريخيا وجغرافيا، مع أن النجوم معظمهم من مصر, وكيان آخر يقيم الدنيا ولا يقعدها بمهرجان هنا وآخر هناك، الغطاء فني وثقافي، والمحتوي سياسي ومذهبي، والإدراك أن الثقافة أكثر الوسائل تثبيتا ودعاية لأركان هذا النظام أو ذاك! إنها ليست وجاهة فقط، بل دهاء، والحبر الثقافي خدمة المال السياسي، أيّا كان اللون، إنها استعادة واستجداء بالموروث التاريخي لتعزيز اللحظة الراهنة الآيلة للسقوط!.
(10)
الروائيون الذين كتبوا إبداعات روائية وقصصية لبعض الحكام مثل «صدام حسن ومعمر القذافي» وغيرهما، أين هم الآن؟ بعضهم رحل غير مأسوف عليهم، وبعضهم يرتعون ويلعبون بالوطنية، ويثرثرون ويتشدقون بالعروبة، ويتقنَّعون ويدعون الثورية، ويدعمون ويعلنون أنهم أحرار الأمة العربية!!.
(11)
مراكز تدعي أنها أكاديمية وبحثية وعميقة، توظف«صبيان«في عالم الكتابة، تحولهم إلي «أشرطة كاسيت»يسجلون حوارات واستطلاعات – تبدو بريئة – ليجري استثمارها واستخراج نتائج يقف عليها متخصصون، يستنبطون، ويحللون، وينشرون، ويبصمون، ويضعون«أختامهم»ويحولونها إلي مستندات ووثائق! ،
حدث ذلك غير مرة, بل ومرات وكنت شاهد عيان حين أقام ( مركز….) استطلاعا في قاعةصغيرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، لا تستوعب ثلاثين فردا يصوتون علي خمس اجابات ساذجة، ليخرج بعدها الخبر: استطلاع ضخم وموسع يقول كيت وكيت..!.
(12)
لعبة المال الثقافي غاية في الخطورة، لا يدركها هؤلاء الذين يستهينون بالأداب والفنون وينظرون نظرة مسطحة تكميلية وتجميلية «ديكورية»وما هي كذلك !
مال ثقافي، يحتويه مآل سياسي، استثمارا وتوظيفا، حتي وإن بدت الكتابة باردة، والمقالات معلبة، ما دامت تؤدي الغرض وتحقق المآرب الأخرى!.
(13)
ما خفي أعظم لدي «تجار الشنطة»الثقافية.. والسياسية.. والاجتماعية!!..
(14)
ما أبشع الأقنعة ساعة أن يتم انتزاعها، فتبدو الوجوه مفتتة من كثرة الالتصاق!!.
(15)
واحسرتاه على الثقافة، حين يجري تسخيرها واستقطابها صناعة وصياغة، ابداعا وانتاجا، والمتربصون كثر..
فهل ندق ناقوس الخطر؟!.