أدى الموقف على الأرض في السودان و التطورات الأخيرة الى اتساع مدى القلق الإقليمي والدولي وتجددت مخاوف جدية من احتمال تفاقم الصراع والانزلاق نحو حرب أهلية جديدة، خاصة وأن السودان تعاني من وضع سياسي معقد منذ الإطاحة بنظام حسن البشير عام 2019 ، حيث اشتدت حدة الصراع بين القوى المختلفة ولا سيما العسكرية التي يمثلها الجيش وقوات الدعم السريع، والقوى المدنية التي كان لها دور بارز في إسقاط حكم البشير. والآن يتطور الصراع ليصبح بين ما يمكن تسميته قطبي المكون العسكري نفسه الجيش برئاسة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع برئاسة نائب البرهان محمد حمدان دقلو المعروف بإسم حميدتي .
وسبب انفجار الوضع هو الرغبة في دمج قوات الدمج السريع في الجيش ورفض دقلو هذه الخطوة إلا بشروطه ورغم اتفاق الجانبين في ديسمبر الماضي على التهدئة ومنع تنامي العوامل التي تقود الى الصدام إلا أن الموقف سار على نحو مختلف نتيجة إصرار الجانبين على وجهة نظره التي تتمحور حول فكرة الصراع من اجل تقسيم السلطة والنفوذ!
وهناك 4 سيناريوهات تحدد مستقبل الدولة السودانية ..
◾السيناريو الأول:
التهدئة والدمج في القوات المسلحة، وهو السيناريو الأكثر تفاؤلًا والمرغوب فيه ويتحقق هذا السيناريو في حال جاح جهود الوساطة الدولية والإقليمية بين طرفي الأزمة ووقف الصراع العسكري بين الطرفين والجلوس معًا لوضع ترتيبات تضمن عدم الانزلاق إلى حرب أهلية بين الطرفين
ويحل العوائق التي أدت إلى تعثر الاتفاق على دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة والتي من بينها المدى الزمني الذي يعتبر أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين إذ يطالب الجيش بمدى زمني محدد لا يتجاوز فترة الانتقال السياسي، وهي خمس سنوات، في حين تطالب قوات الدعم السريع بفترة زمنية للانتقال تصل إلى عشر سنوات.
و الابتعاد عن سياسات “استقطاب المواقف”، حيث انتقلت الخلافات بين المكون المدني في السودان إلى المكون العسكري وأثرت سلبيًا على مواقفه الموحدة، إذ تسعى القوتان العسكريتان، إلى دعم بعض الأطراف في المكون المدني التي تتفق معها سياسيًا.
◾السيناريو الثاني:
التهدئة دون الدمج، وهو سيناريو وسط، ولكنه غير مرغوب فيه لأنه يجعل العملية السياسية في السودان، والاتفاق النهائي بين المكون المدني والعسكري، قابلًا للانفجار طوال الوقت. وقد يحول في الوقت ذاته دون الوصول إلى انتخابات رئاسية، وثم استمرار العملية الانتقالية.
ومما لا شك في أن نجاح العملية السياسية في ظل هذا السيناريو ستكون صعبة للغاية. وبالرغم من ذلك قد يشهد السودان في ظل هذا السيناريو انتخابات رئاسية بدعم من قوى إقليمية ودولية، وتحت إشراف من الأمم المتحدة، ولكن دون تحقيق استقرار دائم وكلي في البلاد، وسوف يخضع الرئيس الجديد إلى ضغوطات كبيرة من الجيش وقوات الدعم السريع معًا.
◾السيناريو الثالث:
احتمال حسم الوضع لصالح الجيش حيث يتمكن من بسط سيطرتة خاصة في ظل الحديث عن حل قوات الدعم السريع، حيث يتوقع أن يلتحق الكثير من ضباط وعناصر هذه القوات بالجيش. وهذا يعني أن الأمور قد تستتب نسبيًا وتدريجيًا لصالح القوات المسلحة، خاصة إذا تلقت دعمًا ماليًا وعسكريًا كبيرًا من قبل الدول التي تؤيد مؤسسات الدولة. ومع ذلك، فإن قرار الحل الذي اتخذه الفريق البرهان أيضًا محفوف بالمخاطر، وقد يعني استمرار الصراع المسلح، حيث سيغلق أبوب التفاوض، بانتظار الحسم العسكري، وقد تطول الحرب خاصة إذا تلقى الطرفان دعمًا خارجيًا، ومن ثم قد يتطور الصراع باتجاه حرب استنزاف، ولاسيما أن قوات الدعم السريع مازالت تتمتع بشعبية في مناطق متعددة من البلاد
◾ السيناريو الرابع:
اندلاع حرب أهلية، وهو السيناريو الأكثر تشاؤمًا، وغير المرغوب فيه على الإطلاق من القوى الداخلية أو الدولية. وقد يتحقق هذا السيناريو في حالتطور الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع ولجوء كلا الطرفين إلى أطراف خارجية للحصول على الدعم المادي والعسكري. وفشل جهود الوساطة الدولية والإقليمية والوصول إلى طريق مسدود بين الطرفين. ويتزامن مع ذلك محاولات لاغتيال الفريق عبدالفتاح البرهان أو قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان “حميدتي” في هذا التوقيت سوف تكون بمثابة صب الزيت على النار، لأنها سوف تعقد محاولات الوصول إلى التهدئة وقد تشعل حربًا أهلية في البلاد،
إن حدوث هذا السيناريو، غير المرغوب فيه، قد يؤدي إلى اشتعال المعارك بين طرفي الأزمة، الأمر الذي يؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وربما إنهاء العملية السياسية الجارية الآن برمتها
نافلة القول إن السودان يمر بمنعطف خطير أما ينقله الى بر الأمان أو يقذف به الى فوهة البركان !