سؤال تحتاج إجابته أن نفهم كيف كان الإعلام وكيف أصبح ؟ بعبارة أخرى ماهي العوامل التي أدت إلى تردي حال الإعلام ؟
أرى أن حال الإعلام تراجع عندما زادت نسبة الواسطة والمحسوبية في التعيين بالوظائف الإعلامية خاصة في وظيفة المذيع ومقدم البرامج وتم التخلي عن التقاليد المهنية في العمل الإعلامي !
وفي جيلي كان التعيين يتم بالمسابقة حيث تنشر الجهة الطالبة اعلانا في جريدتين على الأقل ومن حق من يرى في نفسه أنه تنطبق عليه الشروط أن يتقدم للوظيفة المعلن عنها وهناك قاسم مشترك بين معظم الوظائف التي تتعامل مع الخبر والأحداث الجارية إجادة اللغة الإنجليزية ولهذا كان اختبار الترجمة التحريري هو الفيصل في الاختيار المبدئي ويمكن للناجحين بنسبة لا تقل عن ٧٥٪ أن ينتقلوا للمرحلة الثانية وهو اختبار الكاميرا والميكروفون حيث تختبر لجنه تتكون من جيل الرواد المتقدمين في الأداء واللغة العربية والمعلومات العامة وهناك تقييم للشكل ومخارج الألفاظ وكانت اللجنة برئاسة عبد الرحيم سرور رئيس التليفزيون عليه رحمة الله ثم ينتقل الناجحون إلى المرحلة الثالثة وهي المقابلة الشخصية وبالنسبة لي كان مدير عام الأخبار والشئون السياسية بالتليفزيون احمد سعيد امين عليه رحمة الله وأقول قد تقدم حوالي ألف خريج للوظائف المعلن نجح منهم ٢٥ واختير منهم ٣ مذيعين فقط كنت أحدهم والباقي وزعوا بين وظيفتي محرر ومترجم ومراسل
هذا مامررت به وما مر به كل زملائي من الجيل الذي دخل مبنى الإذاعة والتلفزيون في سبعينيات القرن الماضي !
اليوم هل مازالت هذه الالية موجوده ؟
إن التعيين في الوظيفة الإعلامية يجب أن يصاحبها تدريب مستمر على كل الوظائف الأخرى لاكتساب خبرات جديدة مع تدريب اخر متخصص على وظيفة المذيع ومقدم البرامج سواء في معهد الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة عندما كان مؤسسة لها ثقلها أو خارج مصر !
أنا مثلا ارسلت في بعثة لكي اتعلم الأخبار في تليفزيون برلين SFB و ما ارغب التأكيد عليه أن التدريب ضروري لاي اعلامي ومن الضروري ان يتم تدريب المذيعين ومقدمي البرامج مثلا اولا بأول مع المراجعة المهنية كل فترة حتى يستمر في وظيفته على أكمل وجه وأتساءل اليوم هل يجري تدريب بهذا الشكل سواء في قنوات الدولة أو في القنوات الفضائية الخاصة ؟
ومن أسباب تردي الأداء الإعلامي التوسع غير المحسوب لكليات وأقسام الإعلام في الجامعات الحكومية والخاصة التي تخرج أعدادا سنويا تفوق احتياجات سوق العمل خاصة أن مهنة اعلامي تقبل كل التخصصات وأصبحت الصحافة الباب الأوسع للتسرب إلى القنوات الفضائية والشبكات الإذاعية دون اختبارات أو امتلاك مهارات العمل الإعلامي ويعتمدون فقط على اسم الصحفي كما أصبحت مهنة الإعلام هدفا للرياضيين المعتزلين دون تجهيزهم لوظيفة تتعلق بالاعلام الرياضي فتسلل إلى الشاشة والميكروفون كثيرون لا تنطبق عليهم الشروط الواجب توافرها.
ونفس الكلام ينطبق على الفنانين لا مانع من أن يعمل الصحفيون والرياضيون والفنانون في الإعلام لكن لابد أن يمتلكوا اولا مهارات وشروط المهنة !
ومن أسباب تردي الأوضاع الإعلامية تراجع اعلام الدولة المتمثل في مبنى ماسبيرو الذي يفترض أنه قبلة تعليم تقاليد وقيم المهنة !
إن كل دول العالم تهتم بالاعلام الرسمي لانه واجهة الدولة ولسان حالها واحذر من أن التفريط في تاريخ ماسبيرو باعتباره اعلام الشعب سيكون له عواقب وخيمة على وعي ووجدان الأمة !
إذن من الطبيعي أن تصبح كل الأسباب السابقة مجتمعة حاضنة ومناخا يجعل الإعلام مهنة من لا مهنة له ؟