نظرة تأمل :
علقت جولدا مائير رئيس وزراء اسرائيل في الستينات من القرن الماضي على حرق المسجد الاقصى عام 1969 بأيدي استرالي صهيوني متطرف يدعى دنيس مايكل روهان بقولها ” انها لم تنم الليل وتصورت ان العرب سيدخلون القدس افواجا انتقاما من حرق الاقصى وعندما اشرقت الشمس ادركت مائير ان بإمكان اسرائيل فعل ما تريده لانها امام أمة نائمة ” وعندما تأملت تعليق مائير قمت بربطه بما يحدث في المنطقة العربية الآن من أحداث تعود مقدماتها الى أكثر من عشرين عاما ففي سنة 90 غزت العراق الكويت وفي 91 قامت قوات التحالف بقيادة أمريكا بتحرير الكويت وبعد 12 سنة غزت أمريكا العراق وأسقطت حكم صدام حسين وطوال هذه الفترة دفع العرب فواتير العمليات الامريكية في المنطقة طواعية لكن الغرب كان متأثرا إلى حد كبير بإقتناع جولدا مائير عن الأمة النائمة لان الهدف كان واضحا في الإطار المرجعي لامريكا واوروبا وهو تفتيت هذه الأمة وتحويل دولها إلى دويلات حتى لا تفيق من ثباتها ولم يكن الإستمرار في القيام يمغامرات عسكرية وتدخلات مباشرة في امكان الولايات المتحدة بسبب المقابل المادي الباهظ المطلوب دفعة فضلا عن احتمالات الخسائر البشرية ويعتبر أمرا غير مقبول داخليا وكان السؤال كيفية تحقيق الهدف بلا خسائر مادية او بشرية ؟
الاجابة من خلال قيام الدول الهدف بتدمير نفسها ذاتيا دون تدخل مباشر من مؤثر خارجي او هكذا يبدو للآخرين ومنذ ثلاث سنوات بدأت في العالم العربي ما عرف بثورات الربيع العربي لأن الشعوب فاض بها الكيل من أنظمة هرمت وضعفت ولم تعد تمثل ظهيرا استراتيجيا لمصالح ونفوذ امريكا والغرب بالمنطقة وروجت الولايات المتحدة لفكرة الفوضى الخلاقة التي لقيت قبولا عند البعض ممن صدق الأكذوبة الامريكية وقامت الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسقطت أنظمة عفا عليها الزمن وانتهزت واشنطن الفرصة لتحويل مسار هذه الثورات في الإتجاه الذي تريده بترويض الأنظمة الجديدة وترويج فكرة الإنقسام والتفتيت ولم يكن ما حدث في اليمن من تقسيم البلاد الى مناطق فيدرالية الا خطوة على الطريق الذي تحاول امريكا فعله في ليبيا وسوريا و نجحت منذ سنوات قليلة في فعله بالسودان الموحد وتقسيمه الى سودانين شمالي وجنوبي وخلال حكم الاخوان في مصر انتهزت الولايات المتحدة فكرة انتماء النظام الحاكم للتنظيم الدولي للاخوان وعدم وجود انتماء وطني او قومي لتعبث في وحدة وطن ظل عمره موحدا منذ عهد الملك مينا موحد القطرين ولعبت على نعرات قومية وطائفية لم تكن تمثل من قبل عوامل قلق لاستقرار مصر مثل النوبة وعلاقتها بوادي النيل والعلاقة بين المسلمين والاقباط رغم ان التاريخ يؤكد ارتباط الثقافة النوبية بالحضارة الفرعونية فقد كانت الملكة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني من اهل النوبة وان المصريين جميعهم يعتبرون اقباطا سواءا كانوا مسلمين او مسيحيين وخلال مقاومة الحملات الصليبية لم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحي وفي العصر الحديث كان تعانق الهلال والصليب شعارا لمقاومة الاحتلال البريطاني في ثورة 19 ولا اتصور أن الامة التي تقاوم وتستقل وتبني مستقبلها وتتصدى لمؤمرات التقسيم هي أمة نائمة لكن البعض يريد أن يجعلها هكذا حتى يحقق هدف التفتيت حتى لا تقوم لها قائمة ومن خلال قراءة لما يحدث في سوريا نجد اصرارا على ضرب امة العرب في مقتل لان الهدف واحد تفتيت الشام الذي هو جزء مما يعرف بالهلال الخصيب ويجري توظيف تنظيمي القاعدة والاخوان الدولي لتحقيق هذا الهدف وما تشهده سوريا أمرا طبيعيا بعد السيطرة على العراق وتحويلها الى ساحة نزاع بين السنة والشيعة وهكذا حركة التآمر تتجه جنوبا لتجد مصر التي مازالت متماسكة بعد سقوط حكم الاخوان وتصحيح مسار الثورة في ال30 من يونية 2013 إذن الصراع مازال مستمرا مما يؤكد اننا أمة قد تغفو احيانا ولكنها لا تنام عن حقوقها !! .