جاء بيان الجامعة العربية بالأمس مخيّباً للآمال، فلأول مرة منذ ٧٥ عاماً تساوي الجامعة العربية، وبشكل ظالم، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبدل أن تدعو إلى وقف جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال، بحق الشعب الفلسطيني، وتدعو إلى قمة عربية طارئة، واجتماع لمجلس الأمن والأمم المتحدة، وإدانة الممارسات الإسرائيلية، انساق الوزراء العرب خلف الدعاية الاسرائيلية الكاذبة، بأن مقاتلي حماس قتلوا المدنيين والأطفال، وتضمّن البيان “إدانة قتل مدنيين من الجانبين …. وضرورة اطلاق سراح المدنيين”
صدر البيان العربي بصيغته المهلهلة، رغم تحفظ الجزائر وسوريا والعراق وليبيا، على ما ورد فية من مساواة بين الضحية والجلاد، وبين الاحتلال الاسرائيلي، والمقاومة الفلسطينية المشروعة، وفق شرعة الامم المتحدة، وكلّ الأعراف والقوانين الدولية.
اليوم اعترف البيت الأبيض، بأن لا صحة لما روجه الإعلام الإسرائيلي عن قتل حماس للاطفال الإسرائيليين، لكن الأمريكي الذي شاهد قتل إسرائيل للاطفال في غزة، وقصف الأبراج السكنية وهدمها على رؤوس قاطنيها، والاستهداف المقصود للمدنيين، بالقنابل الأمريكية الصنع، من عنقودية وبالفوسفور المحرم دولياً، ولم ينطق الغرب بكلمة إدانة واحدة لهذه المجازر.
يروّج الإعلام الغربي المنحاز للأكاذيب الإسرائيلية، ويتبجح نتنياهو ويصرح بأنه : “حصل على دعم دولي لتنفيذ مشروع الإبادة الجماعية في غزة، وتحويلها إلى انقاض، وتشريد أهلها وتهجيرهم إلى سيناء”. وأكثر من مسؤول صهيوني، هدد علناً بإبادة غزة وقتل كل الفلسطينيين، باعتبارهم ليسوا بشراً.
في مقابل ذلك تدين الجامعة العربية ما قامت به المقاومة الفلسطينية، بما يشبه اعطاء صك براءة على بياض، والضوء الأخضر للإسرائيلي بقتل أهالي غزة، والموافقة العربية على إهدار الدم الفلسطيني.
لقد سقطت راية الصراع العربي، وبدأ مشروع تحييد الدول العربية، منذ وفاة جمال عبد الناصر، أو بالأصح اغتياله، والترويج للسلام المزعوم، ونظام إقليمي جديد، تكون إسرائيل قلبه وعقله وحاميه، وأصبح العرب إما داعية سلام، أو مهرولاً على طريق التطبيع، ومن رفض السير في الركب، تمت إزاحته، فقتلوا صدام حسين، ومعمر القذافي، وخرّبو؛ا سوريا، واليمن، والسودان، ولبنان، وأغرقوهم بالأزمات والفساد، وضللوا الشعوب بالدعاية والأكاذيب.
تناسى العرب في الأمس، أن هناك دولة اسمها فلسطين، وهناك قرارات دولية تدين الاحتلال الإسرائلي، الذي لم يُقِم يوماً وزناً للشرعية الدولية ومقرراتها، ورفض وما زال يرفض عروض السلام العربية، وحتى الأمريكية، مراراً وتكراراً، وأن هذه المستوطنات أقيمت على أنقاض قرى عربية تم تدميرها وقتل أهلها وتهجيرهم في بقاع الأرض.
لقد أهدر العرب بالأمس الدم الفلسطيني، كما أعلن نتنياهو إهدار دم قادة حماس وأطفال غزة، لكن المقاومة كسرت شوكة الاحتلال، وأظهرت الصورة الحقيقة لجيشه الضعيف، وجنوده وهم يفرّون ويصرخون “لا نريد الموت”.
ستصمد غزة رغم المآسي والجراح، وستنتصر، ولن ينجح مخطط الصهاينة بتصفية قضية فلسطين، ففلسطين باقية في قلب كل عربي شريف.