في حديث لإذاعة صوت العرب برنامج “المشهد الكامل” مع الاعلامية نيفين سعيد قال رئيس تحرير موقع “الثائر” والخبير في أسلحة الدمار الشامل العقيد المتقاعد اكرم كمال سريوي:
لقد قامت إسرائيل بإجراء تعديل على خطتها، بعد أن رفضت الدول العربية القبول بمشروع تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، ولقد قال الرئيس عبد الفتاح السيسي صراحة للأميركيين وللمستشار الالماني: “إن مصر لن تدفع فاتورة المشروع الإسرائيلي”.
من المعروف أن إسرائيل قامت على معادلة تهجير الفلسطينيين واستقدام المستوطنين، لكن بعد ٧٥ عاماً بدأت المعادلة الديموغرافية تتغير بعكس مصلحة إسرائيل، التي لم يعد لديها المزيد من فقراء اليهود في العالم الذين يرغبون بالقدوم إلى أرض فلسطين، خاصة في ظل الصراع الدامي، الذي لم ولن يتوقف يوماً، ما دام الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين مستمراً.
وأضاف سريوي: لقد تم تعديل الخطة الإسرائيلية، وأصبحت على الشكل التالي:
١-تعمل إسرائيل على تكثيف ضرباتها على شمالي قطاع غزة لدفع سكانه نحو الجنوب، وتسمح بوصول المساعدات الانسانية إلى جنوب القطاع فقط.
٢- تستخدم إسرائيل سياسة الأرض المحروقة في هجومها على شمالي القطاع، ومبدأ عدم الدخول في التحام مباشر مع مقاتلي حماس، وذلك بهدف التخفيف من خسائر جيشها البشرية، وتسعى لتحقيق نصر ولو محدود على حماس.
٣-لن تُسلّم إسرائيل المنطقة التي ستحتلها من القطاع إلى السلطة الفلسطينية، وهي ترغب باستمرار الانقسام الفلسطيني، وعملت جاهدة خلال سنوات لزيادة هذا الانقسام.
٤- ستسعى إسرائيل لتسليم القطاع إلى قوات مصرية وعربية، وتعتبر أنه مع الوقت سيؤدي الضغط السكاني الكبير في جنوب القطاع إلى تسرّب فلسطيني نحو سيناء، وهجرة طوعية للفلسطينيين من القطاع، وهكذا سيتحول قطاع غزة من مشكلة
لإسرائيل إلى مشكلة لمصر.
٥- إذًا لم توافق الدول العربية على إرسال قوات إلى غزة، فستبقى إسرائيل في شمال القطاع لمنع عودة الفلسطينيين، وستطلب إرسال قوات دولية إلى القطاع لتشكيل منطقة عازلة.
٦- شعار القضاء على حماس هو غطاء لتنفيذ الخطة الأمريكية الإسرائيلية، فالموضوع الحقيقي لا يتعلق بالقضاء على حماس، بل بتهجير الفلسطينيين من غزة، وليس سراً أن أمريكا بحثت هذه الخطة سابقاً مع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ثم مع الرئيس السابق مرسي، ولاحقاً حاولت الضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي وسعت لإغرائه بإلغاء ديون مصر، مقابل قبوله بنقل الفلسطينيين إلى سيناء..
٧- إذا نجحت المقاومة في غزة وتمكنت من الصمود، تكون قد أسقطت المشروع الإسرائيلي، وعندها سيتم البحث عن حل آخر، قد يكون حل الدولتين أساساً له، مع ضمانات دولية بدولة فلسطينية منزوعة السلاح.
الرهان اليوم على قدرة الفلسطينيين على الصمود في غزة، لأنهم تُركوا ليقاتلوا وحدهم، وكل ما نسمعه عن دعم خارجي لهم، لن يؤثر في تغيير المعادلة القائمة بين حماس والجيش الإسرائيلي هناك.
إذا صمدت غزة ستذهب أمريكا وإسرائيل والعرب إلى طاولة مفاوضات، وإذا سقطت حماس ستفرض إسرائيل مشروعها على الفلسطينيين والدول العربية.
ورداً على سؤال، حول دعوة بعض المسؤولين الإسرائيليين الحكومة الإسرائيلية لاستخدام السلاح النووي على غزة قال سريوي:
حتى الآن ما زال التقدم البري داخل القطاع متعثراً، والجيش الإسرائيلي عاجزاً عن إيجاد حل لمشكلة الأنفاق، وما سمعناه عن تهديدات ودعوات لاستخدام سلاح نووي على غزة، هو غير قابل للتنفيذ، بسبب قرب القطاع من المستوطنات، التي ستتضرر كثيراً من الإشعاعات، التي ستحملها الرياح إليها من القطاع.
الخوف الحقيقي هو من نوايا إسرائيل استخدام أسلحة كيميائية، وهي كانت قد مهّدت لذلك، عندما اتهمت حماس بتصنيع غاز السيانيد، والجدير ذكره أن إسرائيل لم تصادق على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأضاف سريوي: إن سرعة أمريكا في إرسال حاملات الطائرات إلى المتوسط، تؤكد معرفتها المسبقة بالخطة الإسرائيلية، والموافقة على تنفيذها.
ولقد قالت أمريكا للعرب والدول الأخرى بوضوح: لا تتدخلوا في الحرب، ودعوا إسرائيل تعاقب الفلسطينيين كما تشاء، وتنفذ خطتها في تصفية القضية الفلسطينية.
إن كل ما يُحكى عن توسعة الحرب وفتح جبهات على إسرائيل، هو من قبيل الدعاية الإعلامية الغربية، لأنه عملياً لا يوجد سوى جبهة واحدة مؤثرة ويمكن أن تفتح، وهي على الحدود مع لبنان، ولقد تم فتحها ولو ضمن سقف محدد، لكنها قابلة للتوسع في أي وقت.
أما باقي الجبهات فهي إما في حالة سلام مع إسرائيل، أو بعيدة كثيراً ، بحيث لا قدرة عملية لها على التأثير.
وقال سريوي: العرب اليوم أعجز من أن يواجهوا المشروع الأمريكي الإسرائيلي في فلسطين والمنطقة، ولذا نراهم يكتفون ببعض مواقف رفع العتب، وحتى الشارع العربي ما زال شبه صامت، فيما ملأت التظاهرات الصاخبة شوارع مدن العالم من أمريكا إلى لندن وباريس وبرلين وغيرها، وبدأت الشعوب الحرة تنتصر لحق الشعب الفلسطيني، وترفض تغطية حكام الغرب على جرائم إسرائيل وانتهاكاتها المتمادية لحقوق الانسان، وترفض ارتكاب المجازر بحق المدنيين الأبرياء في غزة وكل فلسطين.
لقد هدمت إسرائيل أكثر من مئتي الف منزل فلسطيني منها حوالي 60 الف بعد عام 1967. وعندما ينفذ أحد المقاومين عملية ضد الاحتلال، تقوم إسرائيل بهدم منزله، واعتقال والده ووالدته ومعظم أفراد عائلته وهذا يخالف كافة الشرائع والقوانين الدولية، ودول الغرب لم تلتفت إلى ذلك ولم يقولوا أن هؤلاء رهائن لدى إسرائيل.
وختم سريوي بالقول: لقد سقط العرب سقطةً مخيفة حين تخلوا عن فلسطين وأسقطوا راية العداء لإسرائيل وراحوا يتلهون في خلافات وحسابات داخلية ضيقة، فكان هذا سبباً أساسيًا في دخول إيران على خط الصراع العربي الإسرائيلي واحتضان حركات المقاومة حيث وجد البعض في إيران بديلاً ونصيراً له، في مواجهة الغطرسة الاسرائيلية والتسلط الأمريكي.
فاللوم لا يوجّه إلى إيران الداعمة لحقوق الفلسطينيين بل اللوم كل اللوم على من تخلى عن عروبته وقبل بانتهاك إسرائيل لحقوق الفلسطينيين وذهب ليطبع معها دون أن يلتفت إلى ما ترتكبه كل يوم من جرائم وانتهاكات للمقدسات وحقوق الإنسان.
لقد قال وزير خارجية أمريكا للوزراء العرب في عمان أنه لا يدعم وقف إطلاق النار في غزة وهذا تأكيد صريح على دعم أمريكا عملية قتل وتهجير الفلسطينيين.
إن الموقف الذي سيصدر عن القمة العربية المرتقبة في الحادي عشر من الشهر الحالي،في الرياض، سيكون عاملاً مهماً، فإما أن يوقف هذه المجزرة بحق الفلسطينين، ويضغط على أمريكا والغرب للسير في طريق السلام، وإمّا سيفسح المجال لإسرائيل بالاستمرار بتصفية القضية الفلسطينية، وتنفيذ مشروعها الشرق أوسطي.