الحراك الشعبي للشعوب الحرة المناهضة للاحتلال الصهيوني، دائمًا ما يسهم في تغيير المشهد السياسي والاقتصادي ويقود المسيرة نحو الانتصار بقوة تأثير سلمية يتبعها الجميع كمحاولات فاعلة في الضغط على الاحتلال المسيطر على هذه الشعوب بمنتجاته وسلعه المتنوعة التي كانت لا غنى عنها في كل منزل ولكل فرد.
نلاحظ تجدد هذا الحراك الشعبي السلمي الخلاق خلال الآونة الأخيرة التي تعددت فيها مشاهد القتل الوحشي التي نفذها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بالكامل مع التركيز على الأطفال والنساء الذين جرى استهدافهم عن قصد في سياق عملية إبادة جماعية للشعب الذي اغتصبت أرضه وانتهكت أدميته وسلبت منه أهم حقوقه في الحياة والعيش العادل الآمن مثل باقي الشعوب في أوطانها.
من هنا تجددت الدعوات إلى المقاطعة الفعالة للمنتجات الصهيونية والأمريكية ولكل الدول الداعمة للإرهاب والاحتلال الصهيوني بوصفها الأداة المتاحة في أيديهم كسلاح رادع قد يكون فعالًا في إنهاء مشاهد القتل والمجازر التي ترتكب في قطاع غزة والضفة الغربية في ظل إحجام الحكام عن القيام بإجراءات سياسية حاسمة وحازمة لوقف المعتدي عن هجماته الإجرامية في كل لحظة.
رأينا دعوات الشعب الكويتي للمقاطعة التامة عن طريق وضع لافتات بصور المنتجات مع صور للمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الصامد بمواجهة عدوان تتفاقم وحشيته يومًا بعد يوم، حيث نسف المنازل على رؤوس ساكنيها ما أدى إلى سقوط عدد هائل من الشهداء والجرحى، ناهيك عن المجازر الجماعية كما حدث في قصف مروع لمستشفى المعمداني في الأسبوع الثالث للعدوان وفي مخيم جباليا والذي راح ضحيته أكثر من ٥٠٠ شهيد.. واليوم قصف همجي استهدف المواطنين المتجمعين أمام مخبز للحصول على العيش، فضلًا عن استهداف سيارات الإسعاف التي هرعت لنقل مصابي جريمة المخبز.
وفي الإطار ذاته، يأتي حراك شعبي في مصر لمقاطعة كافة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والإماراتية أيضًا ولكل الدول الداعمة لهذا الاحتلال الغاشم فيما بدأ الصحفيون والصحفيات والنشطاء الحقوقيون والسياسيون حصر المنتجات المطلوب مقاطعتها في قوائم منشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي كجانب من التوعية لكافة المواطنين بالمنتج الصهيوني والبديل له من المحلي المصري.
تفاعل المواطنون البسطاء مع هذا الحراك السلمي لمقاطعة تلك المنتجات والسلع الغذائية اليومية كان لافتًا للانتباه، وهناك عديد من المواقف الإيجابية المبشرة مثل حالة طفل فاجأ والدته بإعداد قائمة للمنتجات الصهيونية وأخرى لبدائلها من المنتجات المصرية قائلًا لها “كي لا تنسي اجعلي هذه الورقة معي فأنا لا أريد أن أقتل فلسطين” كما أن هناك مواطنين تطوعوا لتوعية المستهلكين بأهمية شراء المنتج المصري بديلا عن المنتجات الصهيونية، لأن في ذلك فائدة مزدوجة فمن ناحية فإن شراء المنتج المصري يسهم في تحسن اقتصاد وطنك وهذا بالطبع يعود عليك كمواطن بالإيجاب، ومن الناحية الأخرى فإن شراء منتجات الدول الداعمة للاحتلال الصهيوني يجعلك شريكًا في جرائم ومجازر ضد أشقائك.
فيما ذهب آخرون إلى توجيه رسائل عديدة لأصحاب الشركات المصرية لكي ترفع وتحسن من جودة منتجاتها، وتزيد من منافذ توزيعها، كي تنافس نظيرتها الأجنبية وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تزايد الإقبال على شراء السلع المحلية المصرية.
حملات المقاطعة حراك وتغيير حقيقي ومؤثر. لكن الاستمرار بها يتطلب جهدًا كبيرًا كي تحقق هدفها الرئيسي وهو إلحاق خسائر اقتصادية موجعة للمعتدي الصهيوني الذي لا يمارس جرائمه العسكرية بحق الشعب الفلسطيني فقط، بل يتعدى ذلك إلى محاولة السيطرة على البلاد العربية فكريا وثقافيا وسياسيا مدفوعًا بأحلام وأوهام قيادة منطقة الشرق الأوسط.
تكاتف الشعوب ووحدتها هو أبرز خطوات النصر ضد كل محتل من خلال تضافر جهود المواطنين والأحزاب والحركات السياسية والمبادرات المجتمعية والتوافق الوطني العام على مبدأ المقاطعة سلاحًا فعالًا في التصدي للعدو ..