من جديد نضطر للحديث عن طائفة الجشعين الذين يتصيدون غنائمهم الحرام فى أوقات والأزمات، وما أكثرهم بكل زمان ومكان.
فقد شهدت مصر بالأشهر القليلة الماضية أحداثاً متلاحقة، ما بين أزمة ارتفاع سعر الدولار وغلاء الأسعار، والتى لحقت بها أزمة الحرب الفلسطينية التى كانت مصر بها طرفاً فاعلاً ومؤثراً وشبه شريك بعدة أمور، بداية من حل أزمة دخول المساعدات عبر معبر رفح إلى الوساطة بعملية الهدنة، وما دون ذلك من استفزازات الصهاينة بطرق مختلفة والتى نعلم جيداً أنها ضمن خطة كبيرة تستهدف مصر وتحديداً سيناء، وما يتطلبه ذلك من استعدادات وتحسبات لأى أمر قد يحدث.
وفى التوقيت نفسه تجرى عملية الانتخابات الرئاسية بالأيام القادمة فى الداخل، بعدما تم الانتهاء منها فى الخارج بكثافة ومشاركة كبيرة، والتى نتمنى أن تكون بنفس الصورة المشرفة.
ولكن:
هناك دائماً وأبداً من لا يهتز لهم طرف ولا تشغل بالهم أية أمور تخص الوطن والانتماء والإنسانية وغيرها من الكلمات، فكل ما يعنيهم كيفية اصطياد الفرص واستهداف الأوقات التى تنشغل فيها الدولة بالأمور الحيوية، للانقضاض السريع على المواطن المسكين الذى لم يعد يحتمل مزيداً من الطعنات.
فيتاجر هؤلاء الذين تجردت مشاعرهم من الرحمة ونفوسهم من الإنسانية ليكدسوا السلع ويحجبونها كلما اشتدت حاجة الناس إليها، ثم يخرجونها أو القليل منها بأسعار غير منطقية، واثقين أنه لا بديل أمام الناس عن الدفع رغماً عنهم، متجاهلين أنات ودعوات هؤلاء التى تخرج من قلوبهم الموجعة، لتتكدس ثرواتهم ويتحولون لأغنياء بالاصطياد فى الماء العكر.
وها هو التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر، ليثبت لنا أن مثل هؤلاء الذين كانوا يسمون بأغنياء الحرب فى زمن الحروب، هم أنفسهم من يتاجرون بالأزمات، بل غالباً ما يفتعلونها كلما استطاعوا.
إذ أصبح خبراً شبه دورى، أن يتم القبض على الفاسدين والمتربحين والمحتكرين بتهم الفساد والرشوة، وكان أحدثها هؤلاء الذين افتعلوا أزمة السكر، وتمكنت أجهزة الدولة من ضبطهم والكشف عن مئات الأطنان المخبأة لخلق أزمة بالأسواق دامت قرابة الشهر.
وعلى الرغم من محاولات الدولة المستمرة لضبط الأسعار وإطلاق المبادرات التى تهتم بمحدودى الدخل وفتح المزيد من المنافذ لطرح السلع بأسعار أقل وطأة من تلك التى بالمحال الخاصة، هناك من يتصيد الفرص ويضرب بالضمير وشرف المهنة والإنسانية عرض الحائط.
فبقدر هذا الخير الوفير هناك شرٌ مستطير نابع من جشع هؤلاء الذين امتلأت قلوبهم بالطمع وانتُزعت منها الشفقة والرحمة بشعبٍ يعانى من ظروف اقتصادية عالمية صعبة، ولا ينقصه مزيد من المعاناة على يد من لا تعرف قلوبهم الشعور بحاجة الآخرين ولا يعلون إلا مصالحهم ومكاسبهم الشخصية، ولو على حساب أنات إخوانهم بالدين والأرض.
إذن:
عليك عزيزى المستهلك أن تتصدى بقوة لكل من يستغل حاجتك ويتلاعب بقوت أولادك، ويكدس مزيداً من المكاسب على حساب معاناتك التى لا يقيم لها أى وزن، حتى وإن كنت مقتدراً مادياً لا يضيرك ما يحدث فى مثل تلك المناسبات من ارتفاع غير منطقى لأسعار أى شىء يقبل عليه المستهلك، فلم لا تفكر بأخيك المتضرر الذى لا يقوى على تحمل هذا الجنون الناتج عن جشع هؤلاء والذى قد تحوله تلك الفروق بالأسعار من متحمل لها بالكاد إلى آخر بحق محتاج.
نهاية:
شكراً لأجهزة الدولة التى لم تقصر أبداً فى عملها، ولم يمنعها شيء لتعاقب من يضر المواطنين بالقانون إن أخطأ، سواء كان غفيراً أو حتى وزيرا.