في المقال السابق. إنسَحَب الانجليز والفرنسيون من بورسعيد في ٢٢ ديسمبر ١٩٥٦ وانسحبت إسرائيل من سيناء في ٩مارس ١٩٥٧ واستلم الحاكم المصري ” غَزَّة “
فكان العدوان الثلاثي أكبرَ دليل على أن إسرائيل جِسْر الاستعمار ورأس رُمحٍ مُوَجَّه إلى الدول العربية . .
قال ” حاييم وايزيمان ” ( أول رئيس لإسرائيل ) بَنَيتُ سياستي على الإخلاص المُطْلَق لبريطانيا العُظْمى والتعاون معها ) . وقال بِن جوريون : ” أنا استعماري بريطاني مُتَحمِّس ٌوأؤمِنُ بأن الإمبراطورية تقومُ على مبادئ أعظَم بكثيرٍ من مجَرَّدِ وجودها ولقضيةٍ أوّسَع مِن حدودِها “
وقال ” عازار ليفنشين” ( أحد زعماء جَماعة ” المايا ” التي سَكَنَت جنوب المكسيك : ” إن بريطانيا تحتاج لليهود وذلك لتمْنَعَهم مِن أن يصبحوا أكثرَ قوة ولكي تَحْمي مصالِحَها مِن حركات التَحَرُّر العَرَبية ضِدَ السَّيطرة البريطانية “..
فبريطانيا ( مما سبق ذكره ) التي وَعَدتْ العَرَب بتحقيق استقلالهم إذا تعاونوا معها في الحرب العالمية الأولى هي التي أصْدَرَتْ ( وعد بلفور ) المشئوم ١٩١٧ وهي التي ألْغَت انتدابَها على فلسطين ١٩٤٨بعد أن دَرَّبَتْ العصابات الإرهابية ( هاجاناه وغيرها ) ليكونوا وكلاءها في المنطقة واعلن اليهود قيام دولة اسرائيل في نفس يوم الغاء الانتداب وخروج بريطانيا من فلسطين .. ومنذُ شَعُرَت بتَحرُّك ( عبدالناصِر ) لإحياء فِكرةِ القَومية العربية أَخَذَت تُصارِعُ القوىٰ العَرَبية واعتبار مصرَ عَدوها الأول . أما فرنسا بعد ضَياع نفوذُها وإصابتِها بعارِ الهزيمةِ في سوريا ولبنان والجزائر صارَتْ تتفقُ مع إسرائيل وتَمدُّها بالأسلحة والطائرات وتُسانِدَها في المَحافِلِ الدولية .
أما الولايات المتحدة الأمريكية معقَل الصهيونية فهي تَحتَضِنُ إسرائيل دائماً وتَمدُّها بالمساعدات العسكرية والمالية والفنية حيث يُسَيطِرُ ملايين اليهود فيها على الاقتصاد الأمريكي ويُدِيرون دفةَ الانتخابات الرئاسية بها . فبعد انهزام إنجلترا وفرنسا وفشل العدوان الثلاثي على مصر تَطلَّعَت أمريكا إلى شَغْلِ الفَراغ في الشرق الأوسط لذلك تَقدَّم” أيزنهاور” إلى الكونجرس في يناير١٩٥٧ بمشروعهِ الخاص بالمَعونات الاقتصادية والعسكرية لحمايةِ دول الشرق الأوسط من الشيوعية الدّولية فوقفَ العالمُ بجانبِنا ضِدَ هذا المشروع لاننا عارضناه لاصطدامه بركن أساسي من اركان سياستنا وهو الحياد فهذا المشروع يتضمن دعوة صريحة للانحياز .
وعارَضَتْهُ أمريكا نفسها وإنجلترا وفرنسا وروسيا ودول شرق آسيا وأفريقيا ( مع اختلاف أسباب الرَفْض لدي كل منها) .
فقد عارضته إنجلترا باعتباره تَصْفيةً لنفوذِها بالمنطقة إذ قال النائب البريطاني ( كروسمان ) : ” إن أيزنهاور بمشروعهِ هذا يمرغ أنف رئيس وزراء بريطانيا في تراب منطقة قناة السويس .” وقال ( أنورين بيفان) نائب حزب العمال البريطاني ” إن أمريكا تحاول مِلء الفراغ الذي ينتج عن هزيمةِ الدولتين ( انجلترا وفرنسا ) وأن هذا المشروع سَيزُجُ بالعالم إلى حربٍ عالميةٍ ثالثة ” ..
وعارضته روسيا باعتباره استكمالا لحلقات السلسلة العدوانية الأمريكية لها .
و هكذا واصل الاستعمار تآمرهُ لوأدِ حُلْمِ ” عبدالناصر ” بالوحدةِ العربية ومعاقبتهِ على مساعَداتهِ لحَرَكات التَحَرُّر ( الجزائر بصفة خاصة ) ومعارضته لحلف بغداد الذي تتزعمه أمريكا وانجلترا . كما عَمِلَ الأعداء على عَرْقَلةِ تَقدُّمِ ونهضةِ مصر وتعزيز وجودهِم وحمايةِ مصالحهِم البترولية وليضْمَنَوا لإسرائيل القُّوة في المنطقة فكانتْ نكسة ٥يونيو ١٩٦٧ ..
وأخيراً .
أعزائي : أرجو أن أكونَ قد وُفقْتُ في السَردِ_ بايجازٍ شديد _ لفترةٍ هامةٍ مِن تاريخِ الوَطَنْ ، ودور مصر المِحوَري منذُ نَشْأَةِ الدولة اليهودية حتى عدوان ١٩٥٦ من خلال العشرين مقالا السابقة ( أصل الحكاية )