اسلام الحسينى يكتب… دراسة الاثار فى مصر … ما ذا بعد ؟!

يعد مجال دراسة الاثار واحدا من أرقى مجالات الدراسة العلمية فى الجامعات والمعاهد على مستوى العالم ، بل يصل الامر بان تتفاخر الجامعات بانها تمتلك لديها معاهد وكليات لدراسة الاثار والفنون الانسانية على مستوى العالم .

وهذا الاهتمام انعكس على طرق التدريس ومستوى طالب الاثار فى تلك الجامعات وعلى مايتمتع به من رؤية تجعله بستحق نظرة المجتمع له على اعتباره من اكثر الناس ثقافة فى المجتمع .

وفى ظل كل هذا فان مصر بكل ماتملك من ارث ضخم من الاثار والكنوز من مختلف العصور التاريخية ، وما تملكه من مواقع اثرية عالمية ، ومواقع كثيرة لاعمال الحفائر، مع كل هذا فان مجال دراسة العلوم الاثارية وما يتعلق بها يعانى من مشكال كبيرة تواجه الطالب منذ التحاقه بكليات الاثار واقسامها على مستوى الجمهورية فلا يخفى على أحد اننا اصبحنا نمتلك اليوم خمس كليات للاثار على مستوى الجامعات المصرية فى كلا من جامعة القاهرة -التى تحتوى الكلية الأم- الفيوم وجنوب الوادى وأسوان واخيرا فى جامعة مصر للعلوم والتكنولجيا ، بالاضافة الى اقسام الاثار فى كليات الاداب على مستوى الجمهورية ، كل هذا وهناك نوايا جديدة لانشاء كليات اثار فى جامعات مصرية اخرى ، ولكن السؤال الذى يفرض نفسه وبشده على الواقع الحالى لدراسة الاثار فى مصر هل كل خريجى الاثار بهذا العدد الضخم مستعد للمهمة التى سوف يشغلها فيما بعد ؟ ، هل الدولة مستعدة لتوظيف كل هؤلاء الخريجين بعد اعدادهم الاعداد العلمى السليم فى وزارة الاثار ؟ ، اعتقد ان الاجابة على هذا السؤال تبدا من الحديث عن احوال العملية التعلمية فى كليات الاثار واقسامها اولا .

واللحديث عن احوال العملية التعلمية تتجه الانظار الى كليات الاثار المنوط بها اعداد كوادر علمية اثارية تؤهل الخريج ليكون حارس على الحضارة المصرية ويتولى مهامه الثقافية تجاه المجتمع ، فى البداية أود ان أوضح امرا بالغ الخطورة هو أن عددا ليس بالقليل من طلاب الاثار فى مصر وبدون مبالغة لا يعرفون ما هى الوظيفة الاساسية التى عليهم أن يشتغلوها بعد التخرج من الكلية والمؤسف فى الامر فان هذا السؤال يظل مطروحا من بعض من الطالب الى السنة النهائية من سنوات الدراسة وهو وبعد شهور من المفترض ان يتولى مهامه تجاه بلده والتاريخ فى حماية و دراسة الاثار .

بل والاغرب هو ارتباط وظيفة المرشد السياحى بكليات الاثار وخصوصا اقسام الاثار المصرية بها ، ويفاجىء الطالب عند اخباره بان وظيفة المرشد السياحى أو العمل بقطاع السياحة ليس هو العمل الاساسى له بل ان عمله الفعلى هو ان يصبح عالما للاثار اذا اصبح مفتش للاثار اوأمينا للمتحف ودوره الرئيسى فى البحث والتنقيب ودراسة للاثار المصرية المختلفة باختلاف الحقب الزمنية ، هذا بخصوص الاقسام فيما دون اقسام الترميم التى يعرف طلابه بانهم سوف يصبحون مرممين للاثار والحفاظ على تراثنا بشكل عام .

هذا بالاضافة الى المناهج العلمية التى تتدرس فى الكليات باقسمها والتى يشكو الطالب من طرق التدريس بها و ايضا أساتذة الجامعات منها وكلاهما يحيلا الموقف الى اللوائح الجامعية القديمة و امكانيات الجامعة ،بالاضافة الى اغفال بعض المواد الهامة مثل مادة المتاحف والحفائر التى تدرس نظريا فى ترم على استحياء ، نهيك على الاهتمام بالاجانب النظرى المميت لروح دراسة الاثار المليئة بالحياة وغض النظر عن اشراك العلوم المختلفة فى خدمة المجال الاثرى ، كل هذا واقتصار العملية التعلمية فى معظم الاوقات على الامتحان كحال التعليم فى مصرعموما .

كل هذا وأكثر من المشاكل الكبيرة التى تواجة مجال الدراسة لعلوم الاثار فى مصر تدعو الى الحاجة الملحة لاعادة النظر نحو تطوير منظومة العمل الاكاديمى لدراسة الاثار وعقد مؤتمر علمى بين كليات الاثار و وزارة الاثار لحل كل هذه المشاكل التى تزيذ يوما بعد يوم و وضع خطة اكادمية علمية للربط بين مناهج دراسة الاثار وبين التدريب العلمى فى وزارة الاثار .

علمية لا اريد ان اختم حديثى عن دراسة الاثار فى مصر بالوقوف على السلبيات فقط -لانها الغالبة – بل ان الجامعات المصرية فى مجال الاثار مليئة باستاذة على مستوى علمى راقى يحاولون ان يجددوا فى المجال الاكاديمى دون الانتظار الى تغير اللوائح والاتزام بالروتين الحكومى المميت يساعدهم على ذالك مجموعة من الطلبة الاكفاء ، فامزال هناك بصيص للامل ولكن نريد لمصر ان تكون هى نبراثا لعلم الاثار على مستوى العالم وان تقود مصر العالم فى هذا المجال وان تشد الرحال الى كليات الاثار المصرية لتلقى العلم بها .
هذا ليس ببعيد عن مصر ولكن لابد من أخذ خطوات جادة وارداة سياسية حقيقية ، للبدء فى الاصلاح وانا اقترح ان نبدا بعقد المؤتمر العلمى الذى -اشرت اليه – بين كليات الاثار و وزارة الاثار والوصول الى المشاكل عن قرب وعلاجها نهائيا لنبدا صفحة جديدة فى دراسة الاثار فى مصر .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *