يبدو لقارىء هذا المقال أن عنوانه غريب فما هى علاقة الغناء بالرائحة ؟
ولكنى أرى من وجهة نظر متواضعة انه حينما نتذوق أى شىء جميل نشعر أن له عبق ورائحة جميلة تملئ المكان بعبيرها الأخاذ الذى يضفى على المكان بهجة وشعور بالراحة والهدوء النفسى .
عندما كنت صغيراً كان أبى دائما يستمع الى مطربين عمالقة أمثال عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وموسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب وفايزة احمد وشادية وغيرهم من فنانين هذا الجيل العظيم وكثيرا ما ساهمت أغانيهم الوطنية الرائعة فى إالهاب مشاعرى لحب هذا الوطن فى سن صغير حينها كان أصدقائى لا يستمعون الا لأغانى مسلسلات الكارتون أو اناشيد تناسب هذه الحقبة العمرية .
ساهم كل ما سمعت فى مساعدتى على إنتقاء ما استمع له من طرب طوال حياتى وكنت كلما أشاهد حفلات جيل العمالقة كنت أندهش لما أراه من أحترام للمطرب وفنه وكنت أستشعر من رؤيتى لهذا الجمهوركم هو ذواق يستنشق العطر الطربى ويتخلل الى حواسه لتطربه ويهلل معها بأرق الكلمات ليعبرعن أعجابة الشديد بما يسمع .
فنانين تعلموا أصول الفن ودرسوه ولم يكتفوا فقط بالموهبة فكانت لهم من جماهيرهم ألقاب عاشت رغم رحيلهم عن الحياة ككوكب الشرق والعندليب الاسمر وموسيقار الاجيال وتوالت الالقاب لمطربين الزمن الحالى فاطلقوا لقب ” الكينج ” على الفنان المبدع محمد منير وغيرها من الالقاب لأبناء هذ الجيل حتى كانت الفاجعة واصطدمنا ب ” اوكا واورتيجا ” .
لم يكن فقط الاسم هو الغريب ولكنها الهيئة وما يؤدوه فلم يكن ما يصدر منهم غناء انما (عناء) نعانيه يوميا كلما نزلنا الى الشارع واصبح كفيروس وانتشر كالنار فى الهشيم وللاسف اصيب به العديد والعديد من الناس من مراحل عمرية مختلفة وللاسف اغلبها من المراهقين .
أصوات غريبة وكلمات تافهة وموسيقى صاخبة لا تحمل أى تذوق فنى صنعت بأبخس تكاليف صناعة الموسيقى ولكنها تحمل على انفسنا روح الاشمئزاز والعصبية بمجرد سماعها .
الادهى من كل هذا هو الاهتمام الغريب فى السينما ووسائل الاعلام بصناع هذا (اللافن) ويتعاملون معهم على انهم نجوم ومطربين ويوجهون لهم الاسئلة ويطلبون منهم الغناء . وزاد الامر دهشة حينما استضافة الفنانة “أصالة” الأخوان ” اوكا واورتيجا” فى أحدى حلقات برنامجها “صولا” فى حضور الفنان محمد فؤاد والفنان احمد السقا واخذت تستمع لهم بإنصات وهو يشوهون عدة أغانى لمطربين كبار ومن ضمن هذه اغانى احدي اغنياتها . ثم نراهم مرة أخرى مع الاعلامية / دينا عبد الرحمن فى برنامج ” زى الشمس” الذى كانت تقدمه على قناة cbc وتطلبهم منهم اغنية بعنوان ” هاتى بوسة يا بت ” وبعذ ذلك يستضيف برنامج “عز الشباب” فريق أخر من صانعى هذا التلوث السمعى وهما ” فيلو وتيتو ” من الاسكندرية ويصفهم المذيع الشاب ” محمد حلمى ” بأنهم رواد فن الهاوس فى مصر ويبدو انه اخطأ الوصف لانه فن الهوسة .
أى سخرية هذه التى نراها ونستمع اليها واى فن هذا الذى يتحدثون عنه الاخوة الاعلاميون فى برامجهم ومنابرهم ومن هؤلاء الذين يحاولون صناعة الفن ” تحت بير السلم ” الى متى سنظل ننبهر بالتفاهات ونترك من يستحقون الاهتمام بحق والى متى سيظل الاعلام يعظم من شأن من يصنعون الخراب فى هذا المجتمع . المجتمع الذى اصبح مهلل من كثرة الثقافات الفاسدة والفن الهابط الذى انهال علينا كحمم البركان