وعادت كلية الآداب إلى العالمية

فى إطار الجهود التى قام ويقوم بها الأستاذ الدكتور طارق منصور أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة عين شمس ,استطاع أن يعيد للكلية دورها الإقليمى والعالمى فى آن واحد ، فإقليميا نجح بإخلاصه وعلاقاته وإنسانيته التى هى صفة أصيلة ملازمة له عرفتها فيه منذ زمن أن يعيد إلى قسم التاريخ مجده ودوره الفكرى من خلال تحمله أعباء إعادة سيمنار تاريخ العصور الوسطى داعيا ثلة من المؤرخين بجامعات مصر للمشاركة فيه ، وقد أثمرت الدعوة بفضل الله وأحدثت حراكا يتحدث عنه الجميع .

أما دوليا فكان ذلك متزامنا تقريبا مع عودة منتدى التاريخ الوسيط إذ حمل ذلكم الرجل والإنسان الدكتور طارق منصور على كاهله مع ثلة من المخلصين بالقسم إعادة قسم التاريخ خاصة وكلية الآداب عامة إلى النجومية والعالمية من خلال المؤتمر الدولى الأول لتاريخ مصر فى العصر المسيحى ” الفكر والثقافة فى مصر 284- 641م الذى ينظمه قسم التاريخ ” الذى تحدث فيه ثلاثة وثلاثون باحثا وأستاذا جامعيا من جامعات ومعاهد شتى بمصر والسعودية واليونان وألمانيا والنمسا واستراليا وهولندا ، وكانت العراق ممثلة فى المؤتمر إلا أن ظروفا حالت لمشاركة من يمثلها.

تناول المؤتمر العديد من القضايا الخاصة بالرهبانية فى مصر ، واللاهوت والكنيسة ، والفنون والآداب ، والمصادر البردية والأدبية الخاصة بتاريخ مصر المسيحية .

لقد نجح المؤتمر نجاحا مبهرا فى تحقيق العديد من الأهداف التى كانت مستهدفة ومنها أنه قضى على فكرة روجت ضد مصر فى هذه الآونة بأنها تموج بالإرهاب والعنف ، ومن ثم جاءت مشاركة العديد من الأكادميين الغربيين لترد على هذا الإفك المبين ، وثانيها : أنه سلط الأضواء من جديد عالميا وإقليميا على الدور الرائع لقسم التاريخ وكلية الآداب فى نشر الفكر والثقافة ، وثالثها : تأصيل كتابة تاريخ تلك الفترة على وجهها الصحيح من خلال طروحات وتحقيقات وتخريجات يمكننا أن نصفها بأنها جد خطيرة وماتعة وجديدة وهو ما رأيناه فيما قدمه الدكتور طارق منصور وصاحبنا الدكتور محمد زايد وما قدمه الدكتور إبراهيم ساويروس ، والدكتور عبدالعزيز رمضان وغيرهم ، ورابعها تحقيق التواصل العلمى بين الأساتذة والباحثين المصريين وغيرهم من خبراء العالم بجامعات اليونان وألمانيا وهولندا واستراليا وغيرها ، وهو ما تم فعليا من خلال الحوارات والتساؤلات ومن جملتها وأفضلها السؤال الخطي والماتع الذى تقدم به صاحبنا الدكتور سامر سيد قنديل مدرس تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب إلى البروفيسير “بابلو أرجاراتي” أستاذ اللاهوت بجامعة جراذ عن الاختلافات بين نماذج الأديرة التي أنشأت في مصر عنها في أوربا لاسيما أن أوربا أخذت النظام الديري من مصر، وكان نص السؤال : نحن نعلم أن الأديرة المصرية أقيمت كلها في الصحراء أو على أطراف المدن ، أما في أوربا فإن الأديرة كانت بداخل المدن، فهل هذا صحيح؟. وأجاب البروفيسير بقوله : هذا صحيح ولكن عندنا حالات في أوربا يظهر فيها أن نشأة الدير وإن كانت على أطراف المدن أو خارجها إلا أنها أدت إلى قيام مجتمع عمراني وسكاني حولها وهذا ما يمثل الفرق بين النظام الديري في مصر وأوربا.

لقد شاركت فى هذا المؤتمر تلبية لدعوة الأستاذ الدكتور طارق منصور المؤرخ والمفكر المهموم بهموم وطنه وأمته ، ولرغبة صادقة كانت تدور بخلدى لمعالجة موضوع “الآريوسية وأثرها الفكرى والمذهبى بمصر خلال القرنين الرابع والخامس الميلاديين ” من خلال قراءة جديدة له ، ورغم أننى متخصص فى التاريخ الإسلامى فقد أقحمت نفسى وسط أصحابنا من المتخصصين فى تاريخ العصور الوسطى لتحقيق التأصيل التاريخى لقضية من ألغز وأخطر قضايا التاريخ الوسيط بعامة ، وتاريخ مصر البيزنطية خاصة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *