فهم بلا عدد، وسجدوا له فيمن سجد، ثم اختلفوا فيه، فمنهم من أحبه فى الحكم وأنكره بعد الرحيل، وهؤلاء أهل النفاق، ومنهم من أحبه فى الحكم ولاذ به بعد الرحيل، وذلك هم أهل الشفقة، لهم فى كل زمان رأس، يبدلون أقوالهم وأفعالهم مع كل رأس، يفعلون اليوم وينكرون غداً، ينكرون اليوم ويفعلون غداً، ملعونة أفعالهم، ملعونة أقوالهم، أمس واليوم وغداً.
يلبسون لكل حال لبوساً ثم هم يعودون لسيرتهم الأولى حين دقت طبول الثورة والمحاكمات، وينتمون لكل مذهب، هكذا أضافوا إلى «نظرية تغير الظروف» «نظرية تغير الرؤوس»، ولكن ما لا يعلمون أنه «ما طالت قامة رجل وقف على جثة آخر».
فتجد كثيرين من الذين يتسابقون فى الظهور على الساحة الإعلامية المرئية منها والمسموعة والمكتوبة يقيمون محاكمات جارية للإنسان والمرحلة، وهى محاكمات لها محاذيرها، منها صحف منشورة وصحف غير منشورة، فيها بعض ممن يتصدى للحكم لا يصلح له، لأنه يرتدى وشاح ممثل الاتهام اليوم، وكان بالأمس يرتدى لباس محامى الدفاع، وهو أمر طبيعى استمراراً لمنطق النفاق، وذلك لقرب المرحلة الجديدة فهم على سنتهم ولن يبدلوها أبداً!
أصاب كما يصيب الناس وأخطأ كما يخطئون، وسوف ينال قسطاً من الجزاء العادل، وذهب فيمن ذهب وانعقدت محاكمته، وهذا هو العدل بعينه، فشارك فيها كثيرون، كثيرون ممن كانوا معه حينما أصاب وحينما أخطأ، حتى الذين خانوا الوطن جلسوا فى محاكمته، فشهوده كانوا معه، قضاته كانوا معه، جلادوه كانوا معه، كلهم كانوا شركاء له ومع ذلك أنكروه وشهدوا عليه وحاكموه ثم جلدوه وصلبوه، ولكن لا تنسوا أنهم كانوا معه، كلهم شهود ملك – قضاة ملك – جلاد ملك. تلك محاكمة غريبة، ولكنها تتكرر فى مصر كل يوم…..د. أيمن رفعت المحجوب