تامر جلهوم يكتب… “عفواً أيها القانون..”

أعطني قضاء أعطيك دولة فبدون قضاء عادل لا تقوم دولة القانون فإذا رغبت الملوك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة ”فالعدل فضيلة سامية تصبو إلى تحقيقها كل القوانين والنظم الإنسانية في كل زمان ومكان والعدل لغة معناه المساواة الإنصاف ومفهومه البسيط هو إعطاء كل ذي حق حقه وللعدالة تمثال إمرأة معصوبة العينين تحمل في يدها ميزان والميزان في التمثال هو الرمز للأداة التي يتحقق بها العدل في كل زمان وفي كل مكان ولابد للعدل من معيار تقاس به الحقوق وإلا كان الهوى والغرض هو المعيار. والله سبحانه وتعالى هو الذي يقول: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (الأنبياء/47) وهو الذي يقول: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) (المؤمنون/ 71) ولابد من معيار للعدل تقاس به الحقوق وهذا المعيار قد يكون أداة مادية: كالميزان في الموزونات والمكيال في المكيلات والمقياس في المقيسات وما إلى ذلك. وقد يكون هذا المعيار شريعة من الشرائع أو قانوناً من القوانين أو لائحة من اللوائح ونظاماً من النظم وعرفاً من الأعراف وما إلى ذلك.
والعدل إنما يتحقق على أساس من هذا الرمز وهو الميزان عندما تكون الكفتان اللتان توزن فيهما الحقوق متعادلتين وعندما تكون الساق التي تحمل الكفتين مستقيمة وغير ممالة إلى أعلى أو إلى أسفل من حيث إنه في مثل هذه الحالة تكون الحقوق متماثلة أو متساوية أما عندما تشيل إحدى الكفتين وتتحط الأخرى فإن الذي سوف يتحقق لن يكون العدل وإنما هو الظلم والبغي والعدوان هذا ما يرمز إليه الميزان.
أما ما ترمز إليه المرأة في التمثال فهو الحكم العدل الذي يجلس مجلس القضاء للفصل في الخصومات والمنازعات فيجلس ليحكم بالعدل على أساس من الحق وجعلت المرأة في التمثال معصوبة العينين لتكون العصابة رمزاً للكيفية التي لن يتحقق العدل إلى على أساس منها. فإن العصابة على العينين إنما تشير إلى أن المرأة لن ترى أحداً من المتنازعين في الحق وهذا إنما يرمز إلى حقيقة أن القاضي يجب ألا يتأثر بالناس وبأوضاعهم الإجتماعية فعند جلوسه مجلس القضاء إن العصابة إنما تحمي المرأة من التعرف على أقدار الناس وعلى أوضاعهم الإجتماعية من حيث إن هذا التعرف هو الذي سوف يجعل الميزان يضطرب في يدها. وإضطراب الميزان وإهتزازه كفيلان بأن يباعدا بين العدل وتحقيقه وكفيلان أيضاً بأن يكون الذي قد يتحقق هو الظلم والبغي والعدوان فيجب أن يحمي القاضي نفسه من كل ما يؤثر في ميزان العدالة حتى لا يضرب في يده الميزان.فما نراه الاَن حالة من الجدل يمر بها أبناء مصر بعد قيام ثورة يناير وثورة 30يونيو بسبب ما يحدث داخل ساحات القضاء المصري فقد لوحظ خلال الفترة الأخيرة أن أغلب رموز النظام السابق يحصلون على براءات مما يثير علامات أستفهام كبيرة؟؟؟ والسؤال الآن هل ذلك عيباً في قضاؤنا الشامخ أم هناك رجال داخل ساحات القضاء يعملون لحساب النظام السابق أم عدم كفايةالأدلة لإدانتهم؟!
فالأحكام الأخيرة والتى بدأت ببرائة جمال وعلاء مبارك من قضية الكسب الغير مشروع ثم برموز النظام السابق وبراءة أحمد عز من إحتكار الحديد إضافة إلى التباطؤ في محاكمات رموز النظام السابق والمحتجزين داخل سجن مزرعة طرة كذلك غموض الموقف من قضية الرئيس السابق حسني مبارك وبرائته من جميع القضايا وهذه الملابسات والأحداث جعلت هناك حالة من الغليان والحيرة لدى الشارع المصري!!!!.
وهذا يرجع إلى أن هناك أخطاء حدثت في هذه المحاكمات منها إطالة مدة التقاضي وهذا الخطأ في الإجراءات أدى إلى ما نحن فيه الآن وهو شعور المواطن العادي بأن هناك مساومات أو تباطؤ في إجراء عمليات التقاضي أو محاكمة رموز النظام السابق وهذا يرجع إلى أن المسؤول عن هذا التباطؤ والخطأ في تلك الإجراءات هما النائب عبد المجيد محمود لعدم تقديمة كفاية الأدلةو محكمة إستنئاف القاهرة والتي كان يجب عليها تفريغ دوائر بعينها لنظر هذه القضايا.
وأن محكمة النقض أقرت أن حق الدفاع يعلو على المجتمع هذه هى العدالة العمياء التى تجعلك دائماً تتوجس من المنظومة القضائية ولا أقول تتهمها بالفساد لأنك تدرك يقينا أن هناك خطايا داخلها لأنها لم تعد تشكل أداة من أدوات إستقرار المجتمع وأمنه وإنما العكس هو الصحيح أنها أصبحت تهدد أمن المجتمع وأستقراره حتى أصبح المواطن العادى لا يثق في المنظومة التى من المفترض أن تحميه من الظلم الواقع عليه …لذا باتت هناك قناعة راسخة لدى قطاع كبير من الشعب المصرى أن القضاء يخضع للهوى السياسى وخاصة إذا كانت القضية قضية رأى عام تتعلق بوطن كامل ودماء بريئة طاهرة سلت من أجل الدفاع عن شرف وكرامة أمة بكاملها والمثير للريبة والشك هو أن كل المتهمين بقتل المصريين أثناء ثورة 25 يناير وبعدها من أول الرئيس المخلوع ورجال نظامه حتى أصغر رتبة فى الداخلية دائماً يأخذون براءة لنفس السبب لعدم كفاية الأدلة…. وذلك يعني أن قرار البراءة مبني على وجود شك في إرتكاب الفاعل لجريمته أى أن قلب المحكمة لم يطمئن لأرتكابه جريمة القتل فعدم كفاية الأدلة فى مصر المحروسة بمثابة عدم وجود الدليل من الأساس والقاعدة تقول أن الشك دائماً فى مصلحة المتهم.
هل هذا يعنى أن يشعر قلب القضاء فى مصر دائماً بقلوب السفلة والمجرمين والقتلة خاصة إذا كانوا من كريمة المجتمع ويدفعون بسخاء لكبار المحامين ولا يشعر أبداً بتلك القلوب التى تحترق من الألم والمرارة ؟
وهذا يعنى أن إجراءات المحاكمة على هذا الأساس تعاني مشاكل فهذه القوانين هي التي يتم العمل بها منذ تولي مبارك الحكم وأنه حان الوقت للتغيير والأعتماد على قانون الثورات فلابد من تطبيق قانون الغدر السياسي لأنه يحد من إستخدام النفوذ في تحقيق مصالح شخصية وهذا يدل على أنه سوف يزداد الغضب نتيجة لما حدث من براءات لمبارك وهذا يدل على أنه فقد الشعب ثقته في القضاء والقضاةوسؤالى الأن لماذا تم إخلاء سبيل مبارك وأولاده من جميع القضايا التى نسبت أليهم؟؟
وسؤالى لك عزيزى القارىء إذا كان مبارك أخلا سبيله فى جميع القضايا ….فمن الذى سرق مصر ؟؟؟هل الشعب أم مبارك ؟؟هل أصبحنا نعيش فى عصر قانون ساكسونيا ؟؟؟!!!!.
تري من أكثر ظلماً مصر أم ساكسونيا..!!!
عندما يطبق القانون على فئة دون غيرها فهل هذا عدل …!!!!!
عندما نضرب عرض الحائط بالقوانين والدستور والمواثيق الدولية من أجل جماعة بعينها فهل هذا عدل …!!!!!
عندما يدخلون أولاد القضاة فقط ساحة القضاء وأولاد الغلابة ((لا )) فهل هذا عدل ….!!! وفى النهاية أتسائل هل هذا لمصلحة الوطن ؟!!أم لمصلحة ساكسونيا وسأترك الإجابة للقارئ الكريم لتوسيع دائرة التفكيروأن سألوك عن العدل في بلاد المسلمين قل لهم قد مات عمر وهذا مجرد وجهة نظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *