أن كل عمل من الأعمال الاصلاحية يحتاج بالبديهة لزمن يقع ويتم فيه. وإذا كان اصلاح الفرد الواحد فى المجتمع بعد اى ثورة يأتى بالتربية والتعليم الصحيح ليصبح عاملاً منتجاً فى بلده، فمن المعقول أيضاً أن إصلاح الأمة التى أفسدها الاستبداد القريب والبعيد، يحتاج إلى بعض من السنين مثلما حدث فى اعقاب الثورة الفرنسية، لكى تبدل حالها الى المعاصرة، شرط ألا يطول الزمن أكثر من اللازم حتى لا يفنى الوطن. وأن هذا الاضطراب المرحلى الذى نراه هنا وهناك فى كل بيئة من البيئات بل وفى أخلاق الفرد الواحد والأمة احيانا، إنما هو يشير الى الانتقال من حال عتيقة جامدة الى حال خير منها إن شاء الله. وأن القانون الذى تسير عليه الظواهر المادية هو بعينه القانون الذى تسير عليه الظواهر الطبيعية والمعنوية، كالأخلاقية والاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية منها، والتى سوف تتحقق تدريجياً مع نضوج المجتمع واكتمال دولة المؤسسات وخارطة الطريق. وننوه هنا الى أن طبيعة المادة لا شك فى أنها عند انتقالها من حال إلى حال آخر يحدث اضطراب فى كتلتها وفساد فى صورتها وكذلك الأمم عندما تتحرك للانتقال من الاستبداد الى الحرية الكاملة المسئولة، ومن الجهل والتخلف الى العلم والمعاصرة، ومن الجمود الى التقدم، يحدث فيها (مثل الذى حدث بعد ثورة يناير 2011 ويونيو 2013 والأسبوع الماضى فى ذكرى فض اعتصامى رابعة والنهضة) هذا الاضطراب وإعمال العنف والتخريب، والذى يجب أن ننظر إليه ونعتبره سعادة ولا نتطير به، بل هو فأل حسن على الخير والإصلاح القادمين وعلى فشل الاخر بل ويأسه وبأسه. ولكن الأهم ألا تطول مرحلة الانتقال من هذا الحال الى الحال الجديد، وألا نقف عند هذه الصغائر نحللها ونضخم من حجمها الطبيعى , حى نصاح الفرد و الجتمع و نصبح امة منتجة.
جريدة أحوال مصر
