لا حياة آدمية هنا.. الكلمات تلخص واقع حياة أهالي منطقة ” القصبجى ” التي تقع بجوار مدينة المنيب ” بمحافظة الجيزة، حيث المشاكل لا حصر لها، من قمامة تملأ الأزقة والدروب والشوارع، وماء الشرب المختلط بماء الصرف, إلى تبوير الأراضي الزراعية لاستغلالها كمبانى، ونهاية بأمراض لا حصر لها تصيب معظم السكان نتيجة الحياة في بيئة غير صحية.
تلك المشاكل يجسدها عرفه إبراهيم, سائق ميكروباص وهو احد السكان ” مشكلتنا الزبالة اللى في الترعة، ولا كأننا بنى ادمين، يعنى المفروض نأكل الزبالة دى والا نعمل بيها إيه ” ” اشتكينا مر الشكوى ولا حد معبرنا، وفلوس زباله بندفع على وصل النور، وأدى المنظر زباله على زباله، بقينا كلنا مرضي “.
من جهتها تقول سناء حسن منصور, ربة منزل ” مشاكلنا مالهاش نهاية، من المايه للزبالة ” إحنا بنفضل طول النهار نشرب مياة من الصرف الصحى لدرجة ان المايه بها كائنات حيه وحشرات وأكدت حديثها السيدة نفيسة علي, بصراحة إحنا حاسين إننا ميتين مش عايشين ولا خدمات ولا مرافق ولا حتى نظافة نشتكى لمين هو في حد دارى بحاجه “.
وعلى الرغم من أن مطالب هؤلاء لا تتعدى كونها حقوق لهم وعلى الدولة أن توفرها، إلا أنهم أصبحوا يتوسلون لينالوها حيث استكملت نفيسة حديثها ” روحنا الحى أكثر من مرة ولا كأن فى حاجه بل كمان بيتنرفزوا علينا ويفضلوا يزعقوا ولا كأننا بنطالب بحقوقنا “.
وبينما كنت اتجول وارصد مشكلات منطقة القصبجى اذ اعترض طريقى سيدة مسنة تبلغ نحو 70عاما اسمها سيدة العربي وتقول: ” تعالى شوفي بيتى اللى بيشع مياه مجارى من الحيطان ومن الأرض وغير كده كمان، مياه الشرب اللي نازله من الحنفية شميها وشوفي ، بيعاملونا زى البهايم ” ذهبت معها حيث وجدت بيوتا آيلة للسقوط وأطفال يعبثون بطين منازلهم الممزوج بماء الصرف، وجدران نحتت عليها تشققات وشروخ، حتى سقف المنزل يميل للأسفل وكأنه يحمل أثقال لا يستطيع معها الاستقامة.
ويقول محجوب قرنى مالك المنزل, ” للأسف البيت زى مانتى شايفه بسبب الترعة اللي خلت البيت هبط واصبح ملئ بالتشققات يقول انه ذهب للحى كشفوا ع البيت وعملوا قرار أزاله، ومن ساعتها ولا حد سأل، وأنا مش معايا فلوس أهدمه، بنخاف ننام يقع على دماغنا”كما انه يضيف: “اعمل إيه تانى شكوى وقدمت، كشف وعملوا، مستنين نموت تحتيه “مؤكدا ان لديه صورة من جواب الإزالة للمنزل موقع من المهندس متولى عبد العزيز, والمهندسة زينب محمود عبد الله، ليؤكد عدم أهلية هذا العقار للسكن ولابد من إزالته على الفور، ولكن دون أي تنفيذ من الجهات المسئولة.
نكمل مسيبرتنا إلى شارع بيت التونى الذي بكامله يعانى سكانه من إصابتهم بأمراض الكلي نتيجة لتلوث مياه الشرب بماء الصرف الصحي حيث تقول هند برعى احد السكان بالشارع: ” المياه كلها مجارى ولا عارفين نشرب ولا نأكل، الشارع كله عيان وعنده أمراض الدنيا بسبب المياه” ” إحنا عشان نعرف نشرب ونعمل أكلنا بنضطر نروح مناطق أخري نجيب مياه، مش عارفين نعيش حرام ” وتؤكد روايتها ثناء على, قائلة ” إحنا مش عارفين نعيش، الميه في الحنفيات متعرفيش تشمى ريحتها كلها صرف، ولادنا بيموتوا قدام عينينا مش عارفين نعمل حاجه ” حتى الخدمات الصحية هناك معدومة، لا يوجد خدمة صحية لتعالج هؤلاء، سوى عيادات الأطباء الخاصة، حيث استكملت ثناء حديثها ” حتى المستشفيات التي نعالج بها أولادنا مش موجودة، إما نروح للدكاترة، إما نموت، وإحنا ناس غلابة وعلى قد حالنا “.
تلك المشكلة لا تعد الوحيدة التى تعانى منها “القصبجى” فهناك حالات تعدى على الأراضي الزراعية وتنويرها حتى يستطيع مالكها استغلالها في المباني، لكن الشكوى الأبرز كانت من ترعة الزمر التي استخدمت كمقلب للقمامة، مما جعل معظم الاهالى يمرضون ويتعرضون لشتى أنواع الحشرات السامة والمؤذية للأطفال، وزادت نسبة الأمراض نتيجة لما يستنشقونه من هواء سام محمل بكل أنواع الأمراض.. والخلاصة أن أهالي “القصبجى” يتمنون أن يسمع مسئول ما شكاويهم، وان يبادر إلى حلها، فهل من مستجيب؟.
.