عمار يا مصر
تفجير محيط دار القضاء العالي لن يكون الأخير , وربما يقع مثله أثناء كتابة هذه الكلمات التي تعبر عن مرارة في الحلق وغصة في القلب بنفس الشكل والطريقة , عبوة بدائية الصنع كما يحلو للصحافة والإعلام وصفها , وكما يرضي جهات الأمن وخبراء المفرقعات تحديدها !! والنتيجة في كل الحالات سقوط عدد من المصابين واستشهاد عدد آخر , لكن الحمد لله لم يقع في هذا التفجير الجبان قتلي من المدنيين أو رجال الشرطة المتواجدون في موقع الحادث , وإن كان هناك ثلاثة منهم حالاتهم حرجة .. ندعو الله لهم بالسلامة والعافية .
لماذا مثل هذا الحادث سيتكرر كثيرا في الأيام المقبلة ؟ .. الإجابة ببساطة تتلخص في عدة نقاط منها نقاط إستراتيجية مثل إحداث حالة من عدم الاستقرار في البلاد لضرب السياحة والإيحاء للخارج بعدم قدرة سلطة البلاد علي تحسين الحالة الأمنية وبالتالي تعطيل وصول الاستثمار الخارجي القادم لمصر , وإحداث حالة من الارتباك في الداخل ونحن نتهيأ لإجراء الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل بتشكيل برلمان منتخب لتكتمل مؤسسات الدولة , بالإضافة إلي إنهاك أجهزة الأمن وتشتيت جهدها حتى لا تتمكن من القيام بأي عمل استباقي وهي تواجه إرهاب متعدد الأطراف في الداخل والخارج وعلي الحدود !!
أما النقاط التكتيكية فتتمثل في إشاعة حالة من الخوف عند الناس بعد أن وجهت الإرهابية عملياتها ضد المواطنين في الشوارع والميادين مستهدفة قتلهم بدم بارد فتجعلهم يلتزمون منازلهم خوفا من الموت , وتدفعهم للنيل من السلطة الحاكمة للبلاد الآن بمبرر أنها – السلطة – غير قادرة علي التصدي والمواجهة .. رغم أن هذا يحدث في كل دول العالم التي تمتلك أجهزة أمنية كبيرة ومتطورة لكنها تأخذ بالأسباب وتتخذ من الإجراءات الاحترازية ما يخفف من وطأة هذه العمليات الجبانة !!
تحدثنا وبحت أصواتنا ونحن نتحدث عن ضرورة وجود كاميرات تصوير في الشوارع الرئيسية والميادين العامة , وطالبنا بتشريع يلزم كل أصحاب المحلات في هذه الشوارع والميادين بتركيب كاميرات تصور ما يحدث في محيطها وبالمناسبة هذه الكاميرات وأنظمتها ليست باهظة التكلفة وهناك الكثير من الشركات لديها استعداد لهذا العمل بتكلفة بسيطة , هذه الكاميرات سوف تقلل من الجريمة مهما كان شكلها لأن مرتكبوها يعلمون أنهم مرصودين ويمكن القبض عليهم بسهولة .. لكن لا حياة لمن تنادي !!
شوارع وميادين المدن الكبرى زاخرة بسيارات قديمة مصفوفة بجوار الأرصفة وفوقها عبارة عن أماكن ملائمة لزرع القنابل والمتفجرات فيها وتحتها دون أن يلاحظ ذلك أحد .. سيارات خردة مركونة بجوار سفارات ومصالح حكومية وفي أماكن حساسة في محيط وزارات سيادية , ومع ذلك لا تلفت انتباه مسئول بأنها أوكار وأعشاش آمنة للمتفجرات التي يزرعها القتلة بغية قتل الأبرياء !!
صناديق القمامة المتناثرة في الشوارع والطرقات التي تفيض منها القمامة بفعل فاعل .. أليست مكانا آمنا لزرع قنبلة أو وضع متفجرات قابلة للانفجار لحظة مرور سيارة شرطة أو مدرعة جيش أو سيارة خاصة لأحد رجال الأمن , ومثل هذه العمليات تنال من هيبة الدولة بشكل مباشر !!
في كل بلاد العالم يوجد ما يعرف بمقبرة السيارات القديمة خصوصا تلك التي لا يستعملها أصحابها ولا يبيعونها ولا يريدون وضعها في جراجات فيتركونها تشغل الأرصفة وتتجمع حولها القمامة فيضيقون الشوارع علي المارة وعلي من يريد مكانا لسيارته لشراء حاجياته أو زيارة طبيب أو مستشفي , ويبدو أن هذا الاختراع لم تعرفه الإدارة المحلية في مصر !!
التفجيرات ستستمر لأنها تحتاج إلي بيئة غير نظيفة ونحن نصنع هذه البيئة بإهمال شديد , ولو كانت لدينا إرادة حقيقية للحد من هذه المخاطر لصدر قانون علي الفور يمنع وجود أي سيارة قديمة أو خردة في الشوارع والميادين وتحميل صاحبها مسئولية وجودها في هذا المكان وإن لم يستجب لرفعا من مكانها ترفعها السلطة المختصة علي نفقته الخاصة إلي مقبرة للسيارات القديمة , الأمر الثاني هو بذل مجهود أكبر في نظافة الشوارع والتخلص من القمامة المتراكمة فيها حتى لا تتحول إلي مخابئ للمتفجرات ويمكن للشخص العادي الإبلاغ فورا عن أي جسم غريب ملقي في الشارع !!
الحكاية ليست صعبة لكنها تحتاج إرادة من المسئول وضمير يقظ منا جميعا وليحفظ الله مصر من كل شر