تعد الزراعة واحدة من أهم المهن التى اشتغل بها المصريون منذ ما يقرب من 6000 آلاف عام , وارتبط ازدهار الزراعة فى مصر بوجود ” نهر النيل ” علاوة على ” خصوبة التربة الزراعية ” , ويأتى تصنيف مصر على المستوى الزراعى فى المركز الثانى عربياً بعد الأردن التى تحتل المركز الأول .
مصر الآن مهددة بالخروج من دائرة الدول الزراعية , بسبب ارتفاع سعر ” الدولار ” , لأن أغلب الشركات المصرية إن لم تكن جميعها , تستورد بذور المحاصيل الزراعية من الخارج بـ ” العملة الصعبة ” .
يعد محصول ” الطماطم ” أحد المحاصيل الرئيسية التى لا غنى عنها بالنسبة للمصريين , فلا يكاد منزل مصرى يخلو من ثمار ” الطماطم ” , التى تدخل فى معظم أكلاتهم , كما أنها تمتلك فوائد عديدة أبرزها ” مواجهة ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم , والتخفيف من نسبة الإصابة بتصلب الشرايين ” , الآن هذه الزراعه مهددة بالخطر بسبب ” الدولار ” .
البذور والتهجين :
ربما لا يعلم الكثيرون , أن ” الطماطم ” التى يتناولها المصريون تُزرع من بذور مستوردة , وأن الخبراء المصريون حتى الآن غير قادرين على ” تهجين ” صنف بذور مصرى , بنفس كفاءة ” الصنف المستورد ” , والتهجين يعنى استخدام ” صنف بذور قديم ” كما يطلق عليه خبراء الزراعة , مكون من صنفين ” أحدهم ” أم ” , والآخر ” أب ” , يتم دمج أفضل صفات البذرة ” الأم ” والبذرة ” الأب ” لتصبح جنيناً يمتلك مواصفات خاصة , هذا الجنين هو الذى يستخدمه الفلاحون فى الزراعة .
وبالسؤال عن دور المراكز البحثية المصرية المتخصصة فى الزراعة , ودورها فى إنتاج بذور مصرية خالصة , أجاب أحد المهندسين الزراعيين ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ أن الموارد الماديه هى التى تقف حائلاً دون إنتاج بذور مصريه خالصه بنفس كفاءة البذور المستوردة , وأوضح أن التجارب تحتاج لأموال كثيرة لا تستطيع المراكز البحثية المصرية توفيرها , نظراً لقله النسبة المخصصة للبحث العلمى فى الميزانية , الأمر الذى تضطر معه الشركات المصريه إلى استيراد البذور المهجنه من وكالات أوروبية , وتكون التعاملات الماليه فى كل الأوقات بـ ” الدولار ” .
الفلاح وارتفاع سعر الدولار :
فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التى تعيشها مصر , كان من الطبيعى أن يتأثر سعر الدولار , الذى زاد بنسبه تتراوح بين ” 10 و 15 % ” ولأن أغلب ما يستهلكه المصريون مستورد من الخارج , كان من الطبيعى أن ترتفع اسعار البذور الزراعية أيضاً .
الشركات الزراعية فى مصر تشترى البذور من الوكالات بـ ” الدولار ” وتبيعها للفلاح المصرى بـ ” الجنيه المصرى ” , بنظام ” الأجـل ” , أو التقسيط , فالفلاح فى معظم الأوقات يشترى البذور ويسدد ثمنها على دفعات , وبعد الزيادات المتتاليه فى سعر ” الدولار ” وتذبذب سوق بيعه , أصبحت الشركات فى حيرة , فهى تخشى من عدم استقرار سعر ” الدولار ” , وقد تُضطر إلى البيع بنظام ” الكـاش ” لتجنب الخسارة على المدى البعيد , وهو الأمر الذى لا يناسب الفلاح فى مصر , فبعض الفلاحين أكدوا لنا أنهم لن يستطيعوا شراء البذور بنظام ” الكـاش ” الذى تُفكر الشركات فى استخدامه معهم , الأمر الذى قد يترتب عليه انتهاء عصر زراعه الطماطم فى مصر , وقد تُضطر الحكومة المصرية إلى استيراد ” الطماطم ” من الخارج لسد الاحتياج الداخلية للمصريين , بعد أن كانت تصدر ما يقرب من 50 % من إنتاجها !