لم تكن مصادفة ان أخذ سقراط يطوف في الأسواق محاورا, بل كان امرا مدبرا مقصودا ليكون امام الناس, بمثابة الإعلان عن الحرية الفكرية كيف تكون مثلما حدث في ميادين مصر الحرة بعد ثورة يناير .
يريد نفسه ان يكون سؤالا وجوابا, اخذا وعطاء بل يريد لنفسه ان يكون حصيلة مداولة ومجادلة ومقاولة, تنصب علي العقدة المطروحة للحل, إلي ان تنحل خيوطا خيوطا فتنفصل لحمة المشكلة عند سدادها, وتتعري هياكل الافكار والمذاهب, ويتضح بنيان العقل, ويضم الصواب إلي الصواب, فتكتمل في اذهان الجميع صورة الحق الذي يجب ان نسير به علي صراط الهدي من خلال دستور جديد يعبر عن كل شعب مصر لا أغلبية مقاعد مجلس الشعب فقط .
تلك هي طبيعة الفكر الحر الذي يقوم علي حوار متعادل الطرف, لا يأمر فيه أحد أحدا ولايطيع فيه احد احدا, إلا بالحق, ليس فيه رجحان للاقوي علي الضعف ولا تفضيل لطائفة علي أخري .
اما اذا انقلب الوضع وانعكس فأصبح ما نسميه فكرا هو ان يأمر آمر ليصدع بأمره مطيع, واختصر الطريق الذي كان بين المتحاورين ذهابا وإيابا, فبات طريقا في اتجاه واحد, اعني ان يكون قولا من هناك وسمعا وطاعة من هنا ، فعندئذ قل علي الحرية الفكرية السلام .