مع كل موسم امتحانات تبدأ معاناة الأسر المصرية التي لها تلاميذ في مراحل التعليم المختلفة، وتكون المعاناة الأكبر من نصيب الأسر التي لها أبناء في الشهادة الثانوية وما ينتاب هذه الأسر من قلق واضطراب بسبب الامتحانات؛ خصوصا وأن مستقبل الأبناء في مصر يتوقف على هذه الامتحانات إلى حد كبير. وبالطبع فإن مشاهد الامتحانات المختلفة جذابة للإعلام والكاميرات وللأقلام المهتمة بالشأن التعليمي في مصر؛ وخلال هذا المأتم الكبير وسرادقات العزاء المتنقلة إعلاميا وشعبيا وحتى حكوميا على مستوى وزارة التربية والتعليم فإن الجميع ينسى أو يتناسى أصحاب المعاناة الكبرى والمأتم المتكرر كل عام في هذا الامتحانات وهم المعلمون والجهاز الإداري والمعاون الذين يتولون تنظيم عملية الامتحانات وإدارتها في الشهادات المختلفة على مستوى الجمهورية وخصوصاً امتحانات الثانوية العامة. ولا أجد وصفاً أفضل لحال المعلمين والجهاز الإداري والمعاون لهم في امتحانات الثانوية العامة من هذا البيت.
في كل يوم لنا ميت نشيعه **** ننسى بمصرعه آثار موتانا
يتولى إدارة امتحانات الثانوية العامة جهاز من المعلمين الذين يعملون كملاحظين ومراقبين وأفراد لجان النظام والمراقبة المعروفة بالكنترول وكذلك الإداريين والمعاونين الذين يتولون الأعمال المالية والإدارية للجان امتحان الثانوية العامة على مستوى الجمهورية وهؤلاء جميعا معروفون لدى الشارع المصري باسم (المراقبين) وحتى داخل الأوساط المثقفة والإعلامية لا نجد الكثيرون يلحظون الفوارق بين أعمال الامتحانات ولا بين من يقومون بتلك الأعمال. هؤلاء الجنود المجهولون يلقى بهم كل عام في جحيم هذه الامتحانات بدون أي غطاء أمني ولا تأميني ولا حكومي ولا حتى أي غطاء شعبي، يتم الإلقاء بهم في أتون معركة إجبارية بدون عدة ولا عتاد؛ فهم فقط عدد ولكن كما يقولون في اللمون. وقد سمعنا بالأمس عن أن أحد الأخوه الملاحظين في اسيوط قد وافته المنية وهو يؤدي عمله لملاحظ في إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة وهو مازال في 47 من عمره. تألمت كثيراً عندما سمعت هذا الخبر وذكرني بتلك الذكرى الأليمة أو الأكثر ألماً عندما توفي 14 ملاحظ داخل لجان امتحانات الثانوية العامة أيام الوزير المتهور أحمد زكي بدر الذي ضغط أيام الامتحانات وجعلها على فترتين صباحية ومسائية مما تسبب في إرهاق شديد للسادة الملاحظين والمراقبين وتسبب في وفاة هذا العدد الكبير منهم؛ غير من يموتون كل عام في حوادث الطرق.