“الأقزام” أشخاص اقتربوا من الأرض حتى أن تجاهلهم المسئولين وأصبحوا من الفئات المهمشة في المجتمع فمنهم من تحدى تلك الظاهرة وعمل واجتهد حتى أصبح ينافس مع العاملين بجميع المصالح الحكومية ومنهم من أستسلم لتلك الإهمال والتهميش من المجتمع والمسئولين.
رصدت ” أحوال مصر” مطالب هؤلاء من المجتمع وكانت البداية بلقاء محمد صابر الذي يعمل بمقهى شعبي والذي تحدث قائلاً:” أعمل في هذا المقهى بعد أن حصلت على الشهادة الإعدادية وبعد أن عانيت كثيراً من مطالبة المسئولين بتوفير فرصة عمل لي تعود عليا دخلاً لي ولأسرتي البسيطة المكونة من 7 أفراد، ولم أجد”.
حول موقف المجتمع منه يقول:” ليس الحل في العزلة والانطواء فالحياة مليئة بالصعوبات وأكل العيش مر والاستسلام ليس هو الحل وأن حريص على إصراري على العمل، في الوقت الذي يتسكع فيه كثير من شباب اليوم في الشوارع، ويفتقدون هذا المعنى وكأن العمل شيء معيب ولا يفعلون شيئا لمساعدة عائلاتهم في مصروفات المعيشة المرتفعة.
ويضيف:” مارست أعمال كثيرة شاقة لا تتناسب معي، فعملت في مكتب محاماة أمسح وأكنس وأجهز المشروبات، وكل هذا مقابل 10 جنيهات من الساعة العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً، كما عملت في إحدى المنازل بـ 6 جنيهات يومياً كما عملت في ورشة ميكانيكا ولكن كانت كل هذه الأعمال لا تتناسب مع قزمي.
ولم يكن هذا الشاب القزم هو الشخص الوحيد الذي يؤمن بهذه المبادئ، بل اتفق معه جميع الأقزام الذين يمارسون أعمال مختلفة، فيتشارك معه مهران دياب نفس الحالة، ومهمته في المقهى تقديم المشروبات للزبائن، وحصل على دبلوم فني تجاري.
ويقول:” إننا نعيش في عالم مظلم تضيع فيه مطالبنا فلا أحد يهتم باحتياجاتنا على عكس المعوقين الذين يتمتعون برعاية صحية واجتماعية من الدولة مطالبا المجتمع بأن يغير من نظرته للقزم، فهو إنسان وليس كائنا غريبا يثير السخرية”.
وبعيون تبدوا عليها الأحزان يقول دياب:” أعمل منذ أن كنت في الصف الخامس الابتدائي لمساعدة والدي الذي يعمل نقاشا معماريا وإخوتي الصغار، ويرجع الفضل إلى أبي الذي شجعني على العمل والاختلاط بالناس وعدم العزلة”.
ويستكمل دياب قصته:” في أثناء الدراسة بالإعدادية كنت أعمل كومبارس في المسلسلات والمسرحيات حتى أرشدني أحد أصدقائي إلى هذا المقهى الذي وجدت العمل فيه مناسباً”.
ورصدت “أحوال مصر” قزمة أخرى تدعى “مروة جمال”، تدرس في الصف الثاني الإعدادي.
وتقول مروة:” أنا أعيش مع أسرة مكونة من 7 أفراد في منزل بسيط وليس لنا دخل سوى جنيهات معدودة حصيلة يوم شاق لأبى الذي يقف في محل “عطارة” ومع مرور الأيام زادت مصاريف المنزل فقررت ان أساعد أبى فقمت بأعمال “التريكو” .
وتضيف:” بعد عودتي من المدرسة أذاكر دروسي و أساعد والدتي في أعمال المنزل ثم أمارس حرفتي الصغيرة التي أساعد بها أبي في المنزل و أستكمل بها دراستي”.
قصة أخرى يسردها “حازم الطويل قائلاً:” أطلقت على نفسي ” الطويل ” لكي أعطى لنفسى حافز لأمارس أعمال باقي الأشخاص الذين يرون أنهم هم القادرون فقط على العمل فقررت أن أثبت لهم عكس ذلك واشتهرت بهذا الاسم ومارست حرفة النجارة رغم صعوبتها على الأصحاء”.
وأوضح الطويل حصلت على معهد فني تجاري على أمل أن أحصل على وظيفة حكومية تدير لي دخلاً ثابتاً لي ولأسرتي البسيطة ولكن لا أعلم أننا مهمشين تماماً وليس لنا حقوق في هذا الوطن، لأني ذهبت إلى أكثر من جهة حكومية للحصول على عمل ولكن كأنهم لا يروني .
ماجد خميس، قزم أخر يعمل في ورشة ميكانيكا، سرد قصته قائلاً:” نحن نعانى أشد المعاناة فأنا حصلت في الإعدادية على مجموع كبير وذهبت للالتحاق بمدرسة صناعية ولكن المدير رفض بجملة “غير لائق طبياً” مما علني أتسأل هل من المعقول أنهم ينظرون للطول والقصر دون النظر إلى العقل والمستوى العلمى؟”.
ويضيف خميس :”تقدمت بشكاوى كثيرة للمسئولين ولكن لم ينظروا لها و طرقت كل الأبواب حتى أحصل على حقوقى دون فائدة ،و أنالم أطلب المستحيل فأريد حقى بالحصول على نسبة الـ 5% إعاقة، والتى تم حرمان الأقزام منها”.
على جانب آخر، يقول الدكتور محمد أبو العلا أستاذ علم النفس إن الأبحاث أكدت أن نسبة البطالة بين الأقزام مرتفعة للغاية فهي تمثل 95% من تعداد الأقزام البالغ حوالى 73 ألف قزم وهى نسبة مرتفعة للغاية .
وأشار أبو العلا إلى أن نسبة العنوسه تعدت إلى الظاهرة بين الأقزام وعدم الزواج هو السمة السائدة بين الأقزام، وذلك نظراً للظروف الاجتماعية والاقتصادية وعدم توافر فرص العمل ولا الربح المادي.
ويضيف الدكتور صابر حارص، رئيس قسم البحوث بجامعة سوهاج والذي أوضح أن القزم حساس وله كرامة ولابد أن يكون هناك انسجاماً عاطفياً بين القزم و الأشخاص الآخرين، مضيفاً أن كثرة احتكاك الأقزام مع المجتمع أصبحوا قادرين على التعامل مع المواقف الحرجة التي يتعرضون لها.
و أكد حارص أن احترام الاشخاص الاخرين للاقزام ومعاملتهم بإنسانية معهم تدفعهم للتفانى فى العمل، فكونهم أقزام خلق لهم نوعاً من التحدى فمنهم من يحلم بدخول كلية الطب ومنهم من يحلم بالهندسة والصيدلة وغيرها من الكليات المرموقة ولكن القدر لم يمنحهم هذه الفرصة بسبب تركيزهم فى العمللا والدراسة معاً لكى يوفروا لانفسهم الاموال الازمة للاستكمال دراستهم مما يعلهم يخرون بماميع ضئيلة تمنعهم من الالتحاق بهذة الكليات.