لم أصدق ما شاهدته وسمعته علي اليوتيوب ، ويمثل مقطعاً تلفزيونياً مدته دقيقتان ونصف الدقيقة ، من فضائية دينية اسمها ” يقين ” أو ” قناة يقين الإخباربة ” ، فيه يظهر شيخ في ذلك الزي الوهابي الذي غزا مصر حديثاً ، وهو يتحدث في جمع من الناس تسمع بين الفينة والأخري تكبيراتهم وتهليلاتهم لما يقول . وقد بدا في التسجيل جالساً عن يساره ممسكاً له بميكروفون ، وواقفاً عن يمينه متطلعاً إليه ، رجلان طويلا اللحية اعتمر كل منهما طاقية وارتدي جلباباً ، كدأب أفراد الجماعات الإسلامية
كان الشيخ يتحدث علي ما يبدو عن الرؤيا الصادقة ، فبدأ برؤيا نقلها له صاحبها وهي أنه رأي مجلساً فيه النبي محمد صلي الله عليه سلم والرئيس محمد مرسي والحضور ، فلما حان وقت الصلاة قدم الناس رسول الله ليصلي بهم ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم بل يصلي بكم الرئيس محمد مرسي ! .
ثم انتقل إلي رؤيا أخري قال أن صاحبها رأي فيها خمسين جملاً في الصحراء وأطفالاً تلعب في الرمل ، ثم اشتد العطش والجوع بالإبل والناس ، واستبد بهم الفزع ، فلم يجد صاحب الرؤيا ومن معه إلا أن يتضرعوا إلي الله ويدعوه . فانفلقت الأرض وخرجت منها ساقية ارتفاعها عشرة أدوار أخذت تقلب الأرض ، فخرج الماء والطعام ، وأكلت الإبل شربت وتكاثرت حتي بلغت الخافقين ! ، وطعم الشباب وشربوا . ثم سمع الناس صوتاً يقول ” إرعوا إبل الرئيس محمد مرسي ” ! ، وصوتاً آخر يقول ” بلغوا الرئيس محمد مرسي هذه الرؤيا ” . يقول الشيخ معقباً أنه رأي صاحب الرؤيا وهو يبلغ الرئيس مرسي رؤياه ويقول له جئتك أبلغك الرسالة .
ثم ختم الشيخ حديثه برساله من رجل يدعي عبد العزيز سويلم قال أنه صالح ، فيها يتحدث عن رؤيا شاهد فيها حمام أسود يتساقط من حول الرئيس محمد مرسي ، ثم ثماني حمامات خضر يقفن علي كتفه الأيمن فوق بعضها البعض . وفسرها بأن مرسي سوف يتم مدتي رئاسته ، وأن سنين حكمه الثمانية سوف تعيد لمصر الرخاء والازدهار .
في الحقيقة لا أجد ما أقول ، ولم أتخيل أن يجري استخدام الدين في السياسة إلي هذه الدرجة ، ولم أتخيل أن يختزل شيخ نفسه وينحط بها إلي هذا الدرك ، وفي ذلك يشاركه اليوم من أمثاله الكثير . إن الشعب المصري أمامه اليوم معركة من أشرس معاركه ، تتضاءل أمامها وتتصاغر كل معاركه السابقة مع الاستعمار والطغيان وإسرائيل . معركة مع عدو لا خلاق له ولا أخلاق ، استغل الدين سلاحاً ، ولن يتورع عن قتاله وقتله والتنكيل به إذا استطاع إلي ذلك سبيلا ، بأمر من الله بزعمه وبتوكيل من السماء .