تعتبر ظاهرة الثأر من أخطر الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية ، وهي قديمة قِدَمَ الوجود البشري على سطح البسيطة. وتعتبر من أخطر ما يهدد سلامة وأمن وسكينة المجتمعات ، كما تعتبر العدو الأول للتنمية والتطوير. وهذه الظاهرة من أعقد وأصعب الظواهر التي تؤثر في حياة المجتمع، وتعد من أسوأ العادات الاجتماعية الموروثة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتعيق عملية التنمية في البلاد وتؤدي إلى سفك دماء الكثير من الأبرياء وإلى قيام العديد من الحروب والنزاعات القبلية ؛ ولذلك فقد أصبح من الضروري دراسة هذه المشكلة دراسة علمية جادة تجسد إرادة الدولة القوية وتوجهاتها الجادة لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها وترسيخ الأمن والاستقرار في أرجاء البلاد.
وظاهرة الثأر من العادات السيئة ، ومن بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام ،وعلى الرغم من أن أسوان لم تحدث بها عمليات الثار منذ زمن ولكن أصبحت الأن مثل البلاد الأخرى من الصعيد فكثرت فيها المشاجرات والمنازعات القبلية ولكنها أصبحت الأن من أكثر البلاد التي توجد بها الخصومات الثأرية وأصبح الصراع القبلي العنوان الأبرز في مدينة أسوان هذه الأيام، تغيرت الصورة النمطية في أذهان أبناء المحروسة للمدينة المعروفة بهدوئها الجذاب وأبنائها الطيبين، وسحرها المعروف وآثارها الغنية عن التعريف، لكن الأحداث الأخيرة كشفت المستور، وعرت الوجه الآخر للمدينة التي تتألم في صمت وسط ضغط العشوائيات وصراع العائلات والقبائل
وللثأر أسباب عديدة مثال النزاعات والخلافات الجغرافية وانتشار السلاح وضعف الوازع الديني وضعف أداء الجهاز الأمني وضعف الدولة في ضبط الجناة الذين يقومون بقتل الغير.وانتشار الفساد والرشوة والمحسوبية ، وضعف تطبيق سلطة القانون.
ففي شهر ابريل الماضي حدثت مشاجرة بين الهلايل والدابودية بسبب عبارات مسيئة كتبها بعض الصبية على جدران احد المدارس التي يدرسون ، تحولت المشاجرة إلى شرارة حارقة أشعلت النار بين الجانبين، وراح ضحيتها من الأسرتين28 قتيلا وأكثر من 40 مصابا، ومازالت النار تكمن تحت الرماد. وحتى الآن هذه العبارات المسيئة تطعن في شرف عائلتين بمدينة أسوان كانت عنوانا كتبه طلاب مدارس لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاما، لتحفر بركان من الدم بين رجال ونساء وأطفال.
كابوس طويل عاشته محافظة أسوان وتجرعت مرارته مصر بأكملها في أحداث ومشاهد لن تنسى من الذاكرة بسهولة بسبب بشاعتها.
هذا الكابوس المتمثل في الاشتباكات والمجزرة بين عائلتي الهلايل والدابودية في أسوان بمنطقة «السيل الريفي» إحدى المناطق الشعبية أو بمعنى أدق في عشوائيات شرق أسوان ولكن تمت المصالحة بينهم بسبب تدخل شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ولجنة المصالحة التي تتكون من رئيس الرابطة العامة للأشراف السيد الإدريسي وزعماء القبائل العربية.
والكلام عن الصراعات لا ينتهي في مدينة أسوان ففي شهر يونيو حدثت مشكلة بين الهلايل والكوبانية على خلفية مقتل احد شباب الكوبانية عندما اعتقد ابناء الهلايل انه نوبي فتم حرقة والتمثيل بجسده ونجحت لجان المصالحة في حل المشكلة بين أبناء القبيلتين، وعدد من القيادات الشعبية، نجحت في إقناع أولياء الدم من الكوبانية بالتصالح وتم تقديم الكفن من أبناء الهلالية بحضور وكيل الأزهر ومحافظ أسوان وعدد من القيادات الأمنية.
وفى شهر أغسطس وجدت خلافات ثأرية بين الهلايل والمناعية، مما أسفر عن مقتل احد أبناء المناعية، وتعود الخلافات بين الجانبين الي مشاجرة بين الجانبين، العام الماضي، قتل خلالها احد أبناء المناعية، التي ثأرت له بعد 3 أشهر بقتل احد الهلايل، ويدعي كمال أبو لوح.
وفى شهر أكتوبر الماضي حدثت مشاجرة بين عزبة مخيمر والرغامة بكوم امبو,
لخلاف على تعدى أحد الأشخاص على زراعات أرض، ولقي شخص مصرعه من أبناء عزبة مخيمر ويدعى عادل راشد وأصيب آخر بطلقات نارية وبسبب هذه المشكلة تم تأجيل المدارس بمحيط الاشتباكات لمدة أسبوع.
كما حدثت في نفس الشهر مشكلة بين النوبيون والصعايدة بقرية بلانة بسبب الخلاف على أولوية شراء الخبز ولقي شخص مصرعه وأصيب أخرون.
وفى شهر نوفمبر الماضي وقعت اشتباكات بين قبيلتي العبابدة والجعافرة بأسوان، مما أدى لسقوط 7 مصابين من قبيلة الجعافرة، وذلك أثر خلافات قديمة بين القبيلتين انتهت منذ ثلاثة أسابيع بسقوط القتيل “عمار.ع ” عاماً 19 من قبيلة العبابدة.
من جانبه أكد الشيخ عيد محمد داعية أن السبب في عمليات الثأر هو ضعف الوازع الديني وإتباع شهوة النفس بالانتقام وهو من الهوى.
وقال السيد الإدريسي, نقيب الأشراف الأدارسة بالوطن العربي, نحن نسعى دائما لإنهاء الخصومات الثأرية مشيرا إلى انه يتمنى أن يتحول جميع أبناء المحافظة إلى أعضاء لجنة مصالحة حتى يتم احتواء الخصومات.
في نفس السياق قال حسين كمال من أبناء الجعافرة نحن نسعى دائما للصلح بين القبائل لتعود محافظة أسوان مثلما كانت من قبل.
وقال مصدر أمنى أن دور الأمن حول إنهاء الصراعات هو احتواء المشاجرات منذ بدايتها وعقد لقاءات بين القبائل كل على حدى، للوصول إلى حل وسط وبالفعل يتم التراضي بين الطرفين وذلك باجتماع مشترك بينهم.
وأوضح المصدر أن دور الأمن هام في هذه المرحلة لمحاولة رأب الصدع وإرساء الأمن بين القبائل بكل محافظات الصعيد.