قال الدكتور خالد أبوزيد، المدير الإقليمي للموارد المائية بمنظمة سيدارى، إنه تم وضع رؤية علمية تسهم في حل مشاكل النزاعات حول المياه المشتركة يطلق عليها “المشاركة في المياه الزرقاء والخضراء بحوض النهر”، بدلًا من “المشاركة في المياه الزرقاء فقط”، وهو مفهوم مبني على إعادة تقسيم المياه التي تسقط على حوض نهر النيل وتستخدم مباشرة في الزراعة والمراعي الطبيعية والغابات.
وأكد أبو زيد، في تصريحات صحفية، أن المتوسط السنوي من مياه الأمطار المتساقطة على الحوض تصل إلى 1660 مليار متر سنويًا، بينما يبلغ المتوسط السنوي من المياه الزرقاء التي تصل لمجرى نهر النيل عند دولتيّ المصب (مصر والسودان) إلى 84 مليار متر مكعب فقط، بينما تعتمد دولتا المصب وخاصة مصر اعتمادًا كليًا على المياه الزرقاء، وتعتمد دول المنبع على المياه الخضراء في الزراعة اعتمادًا أقل على المياه الزرقاء لاستخداماتها المنزلية والصناعية واستخداماتها غير الاستهلاكية مثل صيد الأسماك والملاحة وتوليد الطاقة الكهرومائية.
وأضاف أبو زيد أن الرؤية المقترحة تحقق استدامة التنمية بين دول المنبع والمصب ولا تضر بالاستخدامات الحالية لأي منهم، وتتيح الفرصة لتنمية الموارد المائية الإضافية للجميع، واستغلال الميزة النسبية لكل دولة في استخدام النوع المناسب من المياه الخضراء أو الزرقاء وفي الغرض المناسب، فدول المنبع تستخدم المياه الخضراء في الزراعات المطرية والمياه الزرقاء الجوفية المتجددة في الري التكميلي والاستخدامات المنزلية والصناعية والمياه الزرقاء السطحية في توليد الطاقة الكهرومائية بعد التشاور والاتفاق مع دول المصب، وأما دول المصب فتستخدم المياه الزرقاء السطحية والجوفية المتجددة في الزراعات المروية والاستخدامات المنزلية والصناعية وتوليد الطاقة الكهرومائية.
وكشف المسؤول الدولي أن النيل هو المصدر المائي المتجدد الوحيد لمصر الذي تستخدم منه 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، أما بقية دول حوض النيل لديها موارد مائية أخرى متجددة تغذيها الأمطار المتساقطة داخل حدودها تصل إلى 7000 مليار متر مكعب سنويًا تشكل المياه الخضراء والزرقاء المتاحة، ومن ذلك نجد أن نصيب الفرد في مصر من المياه المتجددة أقل نصيب على مستوى الدول الـ11 أعضاء الحوض، ويصل إلى 650 مترًا للفرد سنويًا وتأتي الكونغو في مقدمة البلاد نصيبًا للمياه بـ600 ألف متر مكعب ثم جنوب السودان بـ39 ألف متر في العام.
وأشار أبوزيد إلى أن الأنهار التي تحكمها اتفاقيات تاريخية في إفريقيا يصل عددها 8 أنهار فقط من إجمالي 60 نهرًا مشتركًا تزخر بها القارة الإفريقية، وهو ما يؤكد خطورة الصراع على الأنهار المشتركة مستقبلًا، لافتًا إلى أهمية تطوير القانون الدولي المنظم للتعامل مع المياه المشتركة وأن تأخذ الاتفاقيات الدولية والإقليمية والحوضية بهذه المبادئ والمفاهيم، وضرورة سد الفجوة بين النواحي الفنية والقانونية والسياسية المتعلقة بالمياه المشتركة.
وأكد أن أثيوبيا لديها أربعة عشر حوض نهر تصل كمية الأمطار المتساقطة عليها 950 مليار متر مكعب في العام يسقط منها على حوض النيل 450 مليار متر مكعب، وهو الأمر الذي يشير إلى أنه يمكن حسم الصراع على مياه النيل إذا صدقت النوايا ولم يتم اتخاذ مواقف سياسية قد تفسد الحلول العلمية والمنطقية.