أوصى مؤتمر اتحاد كتاب مصر (وسط الدلتا) الذى انعقد أمس الأحد 14 ديسمبر 2014 بمدينة طنطا بالتأكيد على الثوابت الوطنية وعدم التطبيع مع الكيان الصهيونى والوقوف خلف كل مشروع وطنى، والتأكيد على التعاون مع منظمات المجتمع المدنى، ورفض قرار وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور بنقل تبعية مسرح طنطا لدار الأوبرا وإرسال برقية له بهذا الخصوص، وتشكيل لجنة من المسرحيين بالغربية لتدارس الأمر مع الوزير واتخاذ ما يلزم لإبقاء المسرح تابعا للهيئة العامة لقصور الثقافة المناط بها تقديم الخدمة الثقافية ذات الطابع الجماهيرى المهم فى الوقت الراهن الموجب لتكاتف كل الأجهزة؛ حماية للهوية الثقافية المصرية وتكوين مجلس استشارى للثقافة فى الغربية لحل المعضلات والمشكلات القائمة، كما أوصى المؤتمرون ـ عقب المائدة المستديرة التى عقدت لمناقشة قضية مسرح طنطا ـ بالإبراق لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى؛ لإنقاذ المسرح وإلغاء قرار وزير الثقافة بتبعيته لدار الأوبرا.
ومن جانبه، ثمن راعى المؤتمر الإعلامى مصطفى الزرقا دور الأدب فى حركة المجتمع المعاصر، مضيفا أن وسط الدلتا أخرج عددا من كبار المبدعين وأنهم حملوا أمانة إيصال رسالة الشعب وتدوينها فى أعمالهم الأدبية لتكون ماثلة للعيان وشاهدة على تطور الفكر الأدبى فى محافظات وسط الدلتا.
أما أمين عام المؤتمر الشاعر مختار عيسى فقال فى كلمته التى ألقاها فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إن “الساعة الفارقة التى تعيشها المنطقة الآن كشفت ـ بجلاء ـ انتهازية عدد كبير من المتحولين الذين ييممون شطر المشهد المتحرر فيما قلوبهم لا تزال تطوف بمعابد اتلأنظمة المقيدة، كما كشفت عجز هؤلاء المتاجرين بأحلام الإنسان عن تقديم بضاعتهم الجيدة، فالذائقة المتكلسة وإعادة تدوير النفايات الثقافية وتعليب الرؤى سابقة التحنيط لا مكان لها فى شارع ينتظر الآن شعرا ورواية وموسيقى وتشكيلا ومسرحا وسينما جديدة”.
وأضاف عيسى قوله: “ليس مطلوبا أن يسارع المثقفون بتغيير جلودهم والركض باتجاه ما تسفر عنه التحركات العربية من نتائج لكن من الواجب التأكيد على ضرورة إعداة النظر وليس تغيير الجلد ومراجعة المشهد الإبداعى والتكلسات الذائقية والمقولات المحنطة”.
من جهته، قال الكاتب الصحفى الروائى ناصر عراق رئيس المؤتمر فى كلمته “إننى إذ قدمت إليكم اليوم فقد خطوت على قدمين راسختين تمشى الأولى فى سبيل هذا الوطن الذى يمر بمرحلة هى الأهم والأخطر فى تاريخه المعاصر بعد ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو بينما تسير الثانية فى طريق الثقافة والفن والأدب اعتقادا منى بأن هذه الطريق هى المثلى لبناء المجتمعات ومحاربة الإرهاب قبل الحرب بالسلاح، وكم قلت وكتبت كثيرا إن الثقافة أقوى عشرات المرات من أصوات النيران، لأنها تفضح الجهل والتخلف وتمحق التكفير والكراهية، وهى أمور أعطبت مجتمعاتنا فى السنوات الأخيرة بكل أسف”.
ونوه فى كلمته إلى أن المتأمل لحال مجتمعاتنا اليوم سيكتشف بيسر – وبحزن – أن البؤس بلغ منا حدًا لا يحتمل، الأمر الذى يدفعنا إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالثقافة والإبداع والتنوير لأن هذا الثالوث هو المنقذ الوحيد لنا من مستنقع التخلف الذى غرقنا فيه، وأظن أنه من العيب الكبير أن نظل عالة على ما ينتجه الغرب من تكنولوجيا، فللأسف نحن العرب والمسلمين لم نخترع شيئا ذا بال منذ أكثر من ستة قرون، حتى أمسينا نستهلك فواكه التكنولوجيا – التى لم نخترعها أصلا – دون أى إحساس بتقصيرنا تجاه أنفسنا وتجاه العالم.
ولقد آن الأوان أن نشارك بحصة فى إغناء الحضارة الإنسانية بأفكارنا وآرائنا وإبداعاتنا. واختتم عراق كلمته بقوله: “من هذا المنبر اسمحوا لى أن أوجه نداءً إلى صُناع السياسات فى بلدنا بأن يولوا اهتماما أكبر بالثقافة بشكل عام، وبأدب الأقاليم ومثقفيهم ومبدعيهم بشكل خاص، وتحديدا أدب وسط الدلتا الذى نحن بصدد الحفاوة به والحديث عن أهم المعوقات التى تعترض طريق النهوض به وتطويره إلى آفاق أرحب، لذا أطالب أولى الأمر بتخصيص ميزانيات أكبر للأنشطة الثقافية والإبداعية فى الأقاليم تناسب تلك الحركة الإبداعية العفية الفاعلة فى حياتنا، وحتى لا تظل القاهرة فقط هى التى تستحوذ على نصيب الأسد من الميزانيات المخصصة، برغم قناعاتنا بأن القاهرة مدينة فريدة على مدار التاريخ.
وأنها تستحق اهتمامًا أكثر، إلا أن ذلك لا يعنى أن نجور على المدن المصرية الأخرى ونعاملها بوصفها مدنا من الدرجة الثانية”.
وقال إيهاب الوردانى رئيس فرع الاتحاد فى كلمته “ثمة علاقة أكيدة وجدلية بين الكتابة والواقع يحددها ويقتسمها الطرفان فالواقع بتناقضاته ومكتسباته وعاداته وتقاليده أحد وجهى الكتابة فلا كتابة بلا واقع والكتابة بمكوناتها الفعلية (من الواقع) والمعرفية (من الوعى) الوجه الآخر للكتابة.. فلا كتابة بلا وعى ولا معرفة والواقع سحابة ضبابية معقدة تصل لحد الإعتام تظلل سماء وحياة المجتمعات والكتابة نجوم تبزغ وقناديل تضيء أرضها وجوانبها وروح الإنسان فيها والواقع هو ما نعيشه أو ما يمكن تسميته بحاضر الإنسان والكتابة هى الحاضر والمستقبل وما نحلم به والواقع والكتابة لا يمكن فصلهما ولا الاستغناء عن أحدهما فكلاهما يكمل الآخر”.
وكرم المؤتمر ثلاثة من كبار مبدعى وسط الدلتا وهم: الروائى أحمد ماضى والشاعر أحمد عبد الحفيظ شحاتة والشاعر على عيد.
وفى فعاليات المؤتمر أقيمت عدة جلسات بحثية أدار الأولى القاص الكبير جار النبى الحلو تحت عنوان “إطار تنظيرى” أما الثانية فكانت بعنوان “دراسات تطبيقية حول أدب وسط الدلتا” وأدراها محمد فريد أبو سعدة، فيما كانت الجلسة الثالثة بعنوان “تطبيقية عن الرواية والقصة” وتخلل تلك الجلسات عدد من القصائد التى ألقاها مبدعى اتحاد وسط الدتا وأدارها الشاعر الكبير أحمد عنتر مصطفى، وانتهى المؤتمر بمائدة مستديرة حول مسرح طنطا أدارها الكتاب الصحفى حزين عمر.
وأصدر المؤتمر كتابا جمع الأبحاث التى ألقى ملخصاتها الباحثون المشاركون فى الجلسات البحثية وهم: الدكتور مدحت الجيار والدكتور محمد غازى تدمرى وصلاح عبد الستار محمد الشهاوى ومحمد حمزة العزونى والدكتور نادر عبد الخالق ومحمد الديدامونى ومجدى الحمزاوى وأحمد إبراهيم عيد وصبرى قنديل.