على مدار 3 أيام فرض الاقتصاد نفسه على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأولى إلى الصين، والتى أسفرت عن عدد من الاتفاقيات بين القاهرة وبكين، تنوعت بين قطاعات النقل والطاقة والطرق والاتصالات.
ووقع الجانبان اتفاق تعاون اقتصادى وفنى وتجارى، ومحضر الاجتماع السادس للجنة المشتركة التجارية والاقتصادية والفنية، واتفاقاً بين الهيئة الوطنية الصينية للفضاء والهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء للتعاون فى مجال تكنولوجيا الفضاء وتطبيقات الاستشعار عن بُعد، إلى جانب اتفاقية إطارية بين الهيئة الوطنية للطاقة ووزارة الكهرباء المصرية للتعاون فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، ومذكرة تفاهم بين وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية ووزارة البحث العلمى المصرية للتشاور لبناء المختبر المشترك للطاقة المتجددة.
ومن ضمن نتائج الزيارة إعلان الجانب الصينى عن دراسة ضخ استثمارات جديدة فى مصر، وقال نبيل شلبى أحد رجال الأعمال المرافقين للرئيس، إن الزيارة منحت رجال الأعمال مزيداً من الطمأنينة والراحة للعودة والاستثمار بشكل أكبر فى مصر وخاصة الاستثمارات الصينية. مشيراً إلى أن الرئيس أكد استعداد مصر الكامل لدعم رجال الأعمال والمستثمرين الصينيين، وترحيبه بانعقاد مؤتمر مجلس الأعمال المصرى الصينى فى مصر وحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
وقال «شلبى» إن الرئيس ركز على عنصرين أساسيين يشغلان بال كل مستثمر: الأمن والتسهيلات، من خلال تأكيده أنه لا عودة لبيروقراطية العهود السابقة والعمل الجاد وتكاتف أجهزة الدولة لإحلال الأمن وإعادة المناخ المستقر والجاذب للاستثمار، فضلاً عن دعوته للشركات الصينية التى تعتزم الدخول فى استثمارات محلية ألا تتعدى فترة دراسة المشروع وتنفيذه على أرض الواقع سنتين على الأكثر.
وكشف «شلبى» عن استثمارات صينية قريباً فى قطاعات الحديد والأسمنت لتقليل الاستيراد، متوقعاً أن تؤتى الزيارة ثمارها بتوقيع العديد من الاتفاقات ستكون باكورة لاستثمارات ضخمة من شأنها أن تسهم فى انتعاش الاقتصاد المصرى.
وقال محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات، إن زيارة السيسى إلى بكين تأتى فى إطار فتح العلاقات الاقتصادية مع كافة دول العالم وجميع الأطراف، حتى لو كانت هناك خلافات معها. وأضاف: العنصر الأهم فى الزيارة هو جذب الاستثمارات الصينية إلى السوق المصرية، وتحويل الصين من شريك تجارى فقط، إلى شريك استثمارى، من خلال الدخول فى مشروعات صناعية. وتابع: لا نريد الصينيين شركاء تجاريين فقط، نريد استثمارات، لأن المطلوب يفوق قدرة المستثمرين المصريين.
واعتبر «السويدى» الزيارة بمثابة عرض للإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة خلال الفترة الماضية لتحسين مناخ الاستثمار، مؤكداً رفضه للحوافز الاستثمارية التى تتمثل فى الإعفاءات الضريبية أو غيرها. وأوضح أن أبرز حوافز الاستثمار تأتى من خلال عمل منظومة تشريعية لتيسير التراخيص، والقضاء على البيروقراطية، لافتاً إلى أن الاستثمار الأجنبى مرحّب به فى مصر، لكن بالشروط المصرية وليس الأجنبية، وأهمها تشغيل عمالة مصرية ونقل التكنولوجيا الجديدة، وأكد أن هناك قطاعات عديدة فى مصر تعد جاذبة بشكل كبير للمستثمرين المصريين، على رأسها قطاع النقل والطاقة والمقاولات.
واعتبر مستثمرون أن زيارة «السيسى» للصين سيكون لها تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى، خاصة أن الاتفاقات الموقعة تقوم على الشراكة وليس الاستيراد فقط. وقال عبدالرحمن خير، رئيس لجنة حماية الصناعة الوطنية بالاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن المتأمل لتحركات الرئيس العربية والدولية يزداد ثقة باهتمام الدولة المصرية بالعودة إلى الخطوط الأساسية لتحركاتنا ضمن الدوائر الثلاث التى مثلت عماد العلاقات المصرية منذ زمن بعيد.
وأوضح «خير» أن زيارة السيسى جاءت فى ظروف تكاد تكون متشابهة مع ظروف مصر عام 1956، الذى شهد بداية العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبكين بعد عدة زيارات متتالية ومتبادلة بين وفود البلدين، فى ظل تنافس على قيادة العالم بين الولايات المتحدة والصين التى تمد جذورها فى البلدان الأفريقية لتوسيع نطاق التعاون معها، وهو ما يجب أن نتفق مع الصين فيه.
وأضاف: هناك حاجة ماسة لدراسة تجربة الصين فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الحبوب، وهو أمر بالغ الأهمية فى دولة تسع ملياراً و300 مليون من البشر لمعالجة العجز المستمر فى ميزاننا التجارى ومواجهة احتياجات الزيادة السكانية، وتطورها فى الصناعات الثقيلة كثيفة العمالة.