أردت أن أنبه فقط إلي أن الدولة ما إذا لجأت إلي البنك المركزي، في سبيل تغطية جزء من نفقاتها او سداد مديونياتها الداخلية، إلي ما يعرف “بالتضخم المالي” أي إلي الاصدار النقدي الجديد، في حالات انخفاض درجة مرونة الجهاز الانتاجي (مثل الحالة المصرية الآن)، هنا تظهر مشكلة قياس عبء التضخم النقدي، أي بمعني آخر مشكلة قياس انخفاض الدخول الحقيقية لمختلف فئات المجتمع.
وحتي يمكننا أن نحدد الآثار التوزيعية للتضخم في هذه الحالة، يجب أن نفرق بين أثر التضخم في التوزيع الأوليّ وأثره في إعادة التوزيع. فكما يعرف البعض أن التضخم يسهم في التوزيع الأوليّ للدخول، وذلك لما يخلق من دخول جديدة، كما يؤدي أيضاً إلي إعادة التوزيع، عن طريق رفع الأثمان، وبالتالي يخلق إدخارا إجباريا تقوم به الدخول القائمة قبل الإصدار الجديد لحساب الدخول الجديدة التي نتجت عنه. ومعني ذلك إذن أن عبء التضخم يتمثل فيما يحدثه من ارتفاع في الأسعار، أي انخفاض القوة الشرائية للنقود، وبالتالي انخفاض مستوي الدخول الحقيقية. وعلي ذلك يتوقف عبء التضخم الناتج عن الاصدار الجديد، علي كيفية انقسام أثره بين الانتاج والأسعار، وهو ما يتوقف علي نوع الفئات المستفيدة من الاصدار النقدي، وكيفية استخدامها له، نتيجة الزيادة في دخلها، أي كيفية انقسام الاصدار الجديد بين الاستهلاك والادخار. ولما كان عبء الاصدار الجديد، كما أوضحنا، يتمثل في ارتفاع الأسعار، فإننا نصل إلي نتيجتين مهمتين فيما يخص الفرد والمجتمع ككل. أولهما، إن الاصدار الجديد والذي يرفع الأثمان، يؤثر في قيمة النقود. ومعني ذلك أن العبء هذا لا يقاس بمقدار حجم الاصدار الجديد للنقود، بل يقاس بأثره في القوة الشرائية للنقود. وثانيهما، أن هذا العبء يقع علي الدخول كلها سواء ما يخصص منها للاستهلاك أو ما يخصص للادخار ايضا. أي ان قياس العبء يتم بالاعتماد علي الدخل الكلي لأفراد المجتمع. ويلزم ان نشير الي ان عبء الاصدار النقدي الجديد يصب في النهاية في خفض القوة الشرائية للنقود لكل افراد المجتمع.