قد يكون العام الميلادي 2014 والذي سيدعى من هذا اليوم بالعام الماضي قد رحل رقمياً لكنه بالتأكيد لن يرحل من اجندات التاريخ التي ستعيد ذكر احداثه الصاخبة التي رسمت مسارا للعام الجديد الذي قد يكون اكثر صخبا . من المتوقع ان تتخذ الاستراتيجية الامريكية مستخدمة ما يسمى ” بالتحالف ” مسارا اكثر وضوحا وتفعيلا لها في المنطقة . تحت شعار الحرب على داعش ظهرت في الصحافة الامريكية اقلام تنادي بعدم السماح للنظام السوري بالاستفادة من الضربات العسكرية الموجهة ضد داعش وضرورة عمل منطقة آمنة على طول حدود تركيا مع سورية وفرض منطقة حظر جوي على القوات الجوية للاسد في خطة لعزله عن الحكم ، وايضا زيادة الجهود والتدخل في ليبيا دون توضيح نوع هذا التدخل . وان كانت هذه المطالب تدخل ضمن خطط امريكا في المنطقة ام لا فانها بالتأكيد لا بد ان تقوم بتحركات اكثر تفعيلا لمخططاتها التي تحمي نفوذها ومصالحها في المنطقة .
تميز عام 2014 بالقتل والدمار والتهجير واضطهاد المرأة باسم الدين .. رجم امرأة في ريف حماه السورية بمشاركة والدها ، انتحار امرأة كردية خوفا من الوقوع في يد داعش ، اعدام العديد من النساء بعد رفضهن ممارسة جهاد النكاح .. والقائمة
طويلة ، في الوقت الذي حملت فيه نساء كوباني الكرديات السلاح من اجل الدفاع عن الارض والعرض فدخلن التاريخ من اوسع ابوابه . ومأساة نساء الايزيديين وبيعهن في سوق الجواري بالاضافة الى جرائم ذبح وتهجير الايزيديين العراقيين . مأساة المسيحيين في الموصل العراقية ومعلولا السورية .. حرق الكنائس والاديرة ومقامات الانبياء وقتل رجال الدين والابرياء .. الى ان نصل الى حرب غزة وما تركته من صور مؤلمة لا انسانية دخلت صفحات التاريخ . وكان عام 2014 عاما صاخبا فيما يتعلق بالهجرة عبر المتوسط ، اشارت تقارير منظمة الامم المتحدة الى ان عدد حالات الوفاة غرقا من المهاجرين ومعظمهم من العرب وبينهم العديد من الاطفال والنساء قد بلغت 2500 حالة في بداية شهر واحد فقط من عام 2014 وهو شهر يونيو – حزيران ، صحيفة ايطالية وصفت ما يحدث للمهاجرين عبر المتوسط بالاغتيالات الجماعية ، واضافت انه وفي مواجهة هذه الارقام واوروبا لا يبدو انها تعرف كيف تفعل اي شيء – على حد تعبير الصحيفة – سوى الوقوف والمشاهدة وغير قادرة على ايجاد الحلول السياسية التي اخيرا يمكن ان تضع حدا للاتجار بالبشر .
رافق عام 2014 رحيل العديد من الشخصيات الفنية والاعلامية والادبية اللامعة في مصر والعالم العربي ، اختلف العرب على تكريم شخصية واحدة وهو الشاعر اللبناني سعيد عقل ، البعض وجد فيه شاعرا مميزا يستحق التكريم والنعي والبعض الآخر وجد في تكريمه خيانة . وناله ما ناله على مواقع التواصل الاجتماعي من الاتهامات والشتائم ووصف تارة بالعميل الخائن وتارة بالعنصري المتعصب . كتب عنه سمير عطا الله الكاتب اللبناني الحائز على وسام الاستحقاق اللبناني تحت عنوان : الكتابة .. لا سيرة الكاتب ، كتب يقول : – من اي باب سوف يدخل سعيد عقل التاريخ ومن اي باب سيخرج ؟ لقد تركه النقاد في الباب الدوار ، البعض لم يرى فيه سوى سياسي فاشي وعنصري ، والبعض الآخر رأى فيه عموداً من اعمدة الشعر المعاصر ، ألصق على نفسه تشويهات سياسية لا تزول . المفاجىء بالنسبة إليّ ان يكون سعيد عقل معروفا الى هذا المدى في العالم العربي ، ليس ك (فاشي ) وانما كشاعر .
وتكريما لسعيد عقل ( الشاعر ) اريد ان ابدأ عامي الجديد بهذه الابيات الخالدة من قصيدته – يا شام عاد الصيف
كلّ الذينّ أحبهم ، نَهبوا رُقادي واستراحوا
فأنا هنا جُرح الهَوى ، وهناكَ في وطني جراحُ
وعليكِ عيني يا دمشقُ ، فمنكِ ينهمرُ الصباحُ