يجب أن ننبه إلي أن تحديد الأثر النهائي للإصدار الجديد في توزيع الدخل القومي يتطلب منا، بالإضافة إلي قياس عبء التضخم علي الدخول سابق البيان، النظر إلي ما يؤدي إليه الاصدار الجديد ايضا من خلق دخول جديدة، ومعني ذلك أنه لا يتدخل فقط في إعادة توزيع الدخل القومي، بل ويسهم أيضاً في التوزيع الأوليّ. وعلي هذا وبادخال الأثرين في حساباتنا، نصل الي ان الاصدار الجديد يؤدي الي إعادة توزيع الدخل في صالح المدينين علي حساب الدائنين، ويؤدي إلي التوزيع مرة أخري في صالح الدخول الجديدة، علي حساب أصحاب الدخول الثابتة والدخول التي لا تتغير إلا ببطء (مثل الأجور والمرتبات والفوائد وريع الأراضي والمباني) ومعني ذلك انه في فترات التضخم يرتفع النصيب النسبي لأصحاب العمل ورأس المال من الدخل القومي، علي حساب أصحاب الدخول الثابتة والموظفين والعمال. ويفسر ارتفاع نصيب أصحاب العمل بارتفاع الأرباح بمعدل أكبر من معدل ارتفاع الأجور والفوائد والريع، كما يفسر ايضا ارتفاع نصيب أصحاب المهن التجارية والصناعية بارتفاع أثمان منتجاتهم وخدماتهم، بمعدل أكبر من معدل ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات الأخري الأقل مرونة.
ويمكن أن نخلص إلي أن عبء الاصدار النقدي الجديد في مصر، دائماً ما يترجم الي انخفاض القوة الشرائية للنقود، ويكون أشد عبئاً علي الطبقات ذات الدخول المحدودة الفقراء منه علي الطبقات ذات الدخول الكبيرة، وذلك نظراً لارتفاع المنفعة الحديّة للنقود بالنسبة للطبقات المحدودة الدخل. وعلي ذلك ننصح البنك المركزي كمؤسسة مستقلة، توخي الحذر في الاصدار الجديد، إلا في حدود ما تقدره من الناحية الفنية فقط، وعدم الانصياع وراء اي جهة وتحت اي ضغوط في استخدام تلك السياسة المعيبة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والتي تعاني فيها مصر من انخفاض مرحلي في مرونة الجهاز الانتاجي، حتي تتخطي مصر تلك الفترة الانتقالية من كونها دولة أخذة في النمو إلي دولة متقدمة.