فيما يبدو تحسبا لعاصفة “هدى” الثلجية المنتظر أن تضرب الأردن اليوم، وما قد يترتب عليها من تراكم الثلوج وغلق الطرق، تشهد أسواق البلاد منذ 3 أيام، تهافتا كبيرا من المواطنين على المواد والسلع الغذائية ومشتقات النفط، لتأمين احتياجاتهم المنزلية للأيام الخمسة المقبلة التي يتوقع بعدها انحسار العاصفة.
وكان لافتاً ازدحام المواطنين على المخابز ومحطات الوقود والمراكز التجارية “الكبرى” والتي خلا بعضها من جميع السلع الغذائية، وذلك منذ أن أعلنت الأرصاد الجوية في القطاعين الحكومي والخاص، تأثر المملكة بمنخفض جوي قطبي المنشأ أطلق عليه اسم “هدى”، حسب مراسل “الأناضول”.
وأرجع مختصون في القطاع التجاري تهافت الناس على مختلف البضائع خلال الأيام الثلاثة الماضية، لاعتقادهم أن الثلوج ستستمر في التراكم لأيام عدة وتغلق معها الطرقات، الأمر الذي دفعهم لتأمين احتياجاتهم، وهو ما حصل أثناء لعاصفة الثلجية “إليكسا” التي اجتاحت المنطقة ومنها الأردن منتصف ديسمبر/ كانون أول 2013 وتسببت بخسائر بشرية وإنشائية وزراعية.
وقال نقيب تجار المواد الغذائية (مستقلة)، سامر جوابرة، لـ”الأناضول” إن هذا الإقبال الكبير على شراء المواد الغذائية لتأمين الاحتياجات الرئيسية من حليب للأطفال والأرز والسكر والزيوت والبقوليات واللحوم “يحدث في كل مرة تتأثر فيها المملكة بمنخفض جوي، لقناعة السكان بأن الطرق ستكون مغلقة بسبب تراكم الثلوج”.
وأوضح أن “الإقبال على المواد الغذائية ارتفع خلال ثلاثة أيام نسبة 30% عن المعدل الطبيعي”، داعياً المواطنين لعدم الإقبال الكبير على السلع لـ”كون مخزون الأسواق الأردنية من المواد والسلع الغذائية يكفي مدة 90 يوماً فقط”.
وقال نقيب أصحاب المخابز الأردنية (نقابة مستقلة)، عبد الإله الحموي إن الأيام الثلاثة الماضية “شهدت تهافتاً كبيراً من الناس على الخبز ومشتقاته من الكعك والحلويات، إذ زاد استهلاك المخابز للطحين من 2000 طن يومياً إلى 4000 طن ما يعني أن الأردنيين (6 مليون و 600 الف بحسب آخر إحصائية رسمية)، استهلكوا يومياً 20 مليون رغيف خبز خلال الأيام الثلاثة الماضية”.
وأضاف الحموي إن “سبب هذا التهافت والازدحام على المخابز مرده هلع الناس وخوفهم من المنخفض، إذ تناهى لمسامع البعض منهم أنه لم يأتِ منخفض كهذا منذ 50 عاماً”، لافتاً إلى أن المخابز “بدأت باستهلاك مضاعف من مخصصاتها لمادة الطحين منذ يوم الخميس الماضي”.
وقال محمد عبيدات، رئيس جمعية حماية المستهلك (مستقلة) إن “الناس على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم التعليمية تأثروا بحديث عمق المنخفض الجوي وبدأوا يأمنون احتياجاتهم ويخزنوها”.
وأضاف عبيدات: “يجب على الناس التوقف عن ظاهرة التخزين وشراء المواد بكميات كبيرة لأن ذلك سيوقعهم فريسة لشجع بعض التجار، وسيسهم في ارتفاع المواد الغذائية”، لافتاً إلى أن “الجمعية لاحظت حجم الإقبال الكبير وغير المبرر على المواد الاستهلاكية خلال الأيام الثلاثة الماضية”.
أما نقيب أصحاب محطات المحروقات(مستقلة)، فهد الفايز، فأكد أن “حجم الإقبال الكبير على المشتقات النفطية غير مسبوق، ودافعه لدى الناس انخفاض أسعار المشتقات النفطية أواخر العام الماضي، وكذلك الخوف غير المبرر الذي أصابهم من كثرة الحديث عن تراكم محتمل للثلوج”.
وبلغة الأرقام، أوضح الفايز أن “استهلاك الناس لأسطوانات الغاز بلغ حوالي مليون اسطوانة منذ اليوم الأول من العام الحالي ولغاية صباح الثلاثاء، كما ارتفع حجم استهلاك البنزين والسولار والكاز إلى 20 الف طن يومياً، وهو رقم كبير مقارنة بأن الاستهلاك اليومي الاعتيادي لا يتجاوز 8 آلاف طن يومياً”.
ويرجع المواطن خالد عواد، سبب تعبأته لأربع جالونات من الكاز (سعة 20 لتر للواحد) لتأمين احتياجات أهله من الوقود، “خوفاً من تراكم الثلوج ونفاد الوقود، لكونه يسكن في منطقة على أطراف العاصمة عمان”.
لكن المواطنة رنا ثيودوري، فرأت أن “الإقبال على السلع غير مبرر، إذا أن تساقط الثلوج لا يعني الموت من الجوع وأننا منقطعون عن العالم”، لافتة إلى أنها اشترت “2 كيلو خبز فقط واحد لعائلتها والآخر لحارس المنزل”.
وكان مدير دائرة الأرصاد الجوية الأردنية (حكومية)، محمد سماوي، قال في تصريحات سابقة لـ”الأناضول” إن “استمرار تدفق الهواء البارد القطبي من شمال أوروبا باتجاه منطقة شرق المتوسط، سيشكل منخفضا جويا عميقا على المملكة، تبدو معه احتمالية كبيرة لتساقط الثلوج يوم الأربعاء والخميس فوق المرتفعات الجبلية الشمالية والوسطى من المملكة تمتد تدريجيا إلى المناطق التي سيزيد ارتفاعها عن 700 متر فوق سطح البحر بما فيها العاصمة عمان”.
كذلك قال رئيس غرفة العمليات في موقع طقس العرب للأرصاد الجوية في الأردن(مستقل) أسامة الطريفي، إن آخر نتائج نماذج التنبؤات الجوية الحاسوبية تشير إلى أن العاصفة الثلجية “هدى” قطبية المنشأ تؤثر على الأردن مساء الثلاثاء والأربعاء تعقبها موجة برد شديدة تسبب الانجماد في مختلف المناطق وتصل معها درجة الحرارة في العاصمة عمان إلى 4 دون الصفر.
وحول تسمية العاصفة بـ “هدى” قال الطريفي إن التسمية جاءت وفق اتفاق جرى العام الماضي بين عدد من الراصدين الجويين في الأردن وفلسطين ولبنان على تسمية العواصف الشتوية بأسماء عربية ذات معان ودلالات تحمل البشرى للمواطنين “وقد وقع الاختيار على هذا الاسم أملاً وتضرعاً إلى الله بأن تكون هذا العاصفة عاصفة خير وأن تحمل أمطار خير تُشر بموسم مطري وزراعي”.
ويثير التاريخ القريب للعاصفة الثلجية إليكسا التي اجتاحت الأردن قبل 13 شهراً مخاوف بالشارع الأردني من التأثيرات المحتملة لـ”هدى” على البلاد، وأدت العاصفة آنذاك إلى وفاة (16) مواطناً أردنياً، عزت السلطات أسباب وفاة غالبيتهم لاستخدام وسائل خاطئة للتدفئة، وتسببت بإتلاف الموسم الزراعي في غالبية المدن الأردنية وتضرر أكثر من 300 ألف شجرة حرجية في البلاد، وحصار الثلج لنحو 3000 مواطن وبقاء نحو 150 الف سيارة عالقة في مختلف مناطق البلاد.
واستعداداً للعاصفة الثلجية أعلنت “أمانة العاصمة عمان” عن وضع كواردها لخطة طوارئ، كما أعلن جهاز الدفاع المدني في المملكة عن وضعه خطة عمليات فصل الشتاء من خلال إدامة غرف العمليات في المديريات الميدانية ورفع نسبة الجاهزية للكوادر البشرية والمعدات والآليات بخاصة ناقلات الأشخاص المجنزرة، كما أكد ممثلو شركات الكهرباء في الأردن خلال اجتماع مع أعضاء لجنة الطاقة في مجلس النواب “الغرفة الأولى للبرلمان” أمس عن استعدادهم الكبير للظروف الجوية وتجهيز المعدات اللازمة لتفقد شبكات الكهرباء وصيانتها من انقطاعات محتملة.