يتصور الكثيرون في بعض قنواتنا الفضائية أن تناول موضوعات على شاشة التليفزيون تتسم بالجرأة إلى حد الإسفاف هو نوع من حرية الرأي ومنع هذا المحتوى الأقرب للإثارة والشذوذ الفكري هو ضد الإبداع وأقولها بملء فيي إن هذا إعلان وليس إعلاما لأن الإنتشار الإعلاني يعتمد على الشكل والمحتوى الجاذب للمتلقي أيا كان خاصة في مجتمع مازالت نسبة الجهل والأمية به عالية .
فلا مانع من الحديث عن الجنس الفاضح والعفاريت أو التسابق في الرقص الشرقي وماشابه حتى وصلنا الى إزدراء الأديان وأخيرا الإلحاد والبقية تأتي ونلاحظ أن مثل هذه الموضوعات لاتجد صدى الا لدى أصحاب الأفق الفكري المحدود وتتسرب هذه الافكار الى كل بيت وتخاطب المتلقي بلا استئذان تحت عباءة حرية الفكر والإبداع .
ولو ناقشنا المسألة بهدوء سوف نكتشف أنها ليس لها علاقة لا بالفكر ولا بالإبداع إنما تلعب على وتر لدى البشر اسمه ” الممنوع مرغوب ” لدرجة أن بعضهم يستخدمون لوجو ” + 18 ” في إشارة الى انه ممنوع لمن أقل من 18 سنة ان يشاهد هذا البرنامج ولأنه ليس لدينا هذه الثقافة فإن اكثر مشاهدي مثل هذه البرامج سيكونون 18 سنة واقل مثل بعض الأفلام في دور العرض تستخدم عبارة للكبار فقط لجذب المراهقين المهم ماذا سيجني المتلقي بعد مشاهدته برنامجا عن الجن او الملحدين الا تتفقون معي انه تغييب للعقل المجتمعي وشكل من أشكال الإلهاء المتعمد أو غير المتعمد عن المشكلات الحقيقية التي تحيط بأبناء الوطن وما يعنينا هو خروج الإعلام عن وظيفته في الإرتقاء بالذوق العام .
إن الإعلام من العلم والعلم هو ضد الجهل ولذلك من الضروري ان تكون هناك رسالة للإعلام يلتزم بها الإعلاميون وهذا لن يتأتى إلا اذا كان هناك ميثاق شرف اعلامي يحمي مهنة الاعلام من الدخلاء عليها الذين حولوا بعض القنوات الى مايشبة صحف صفراء تتاجر في الاعراض وتنشر الفضائح معتقدين أنها وسيلة جذب لرفع نسبة المشاهدة وهو امر جد خطير لانه يدمر النسق القيمي للمجتمع .
ومن وجهة نظري ان احد الاسباب الرئيسية لتكريس هذا الشذوذ الاعلامي هو فشل الخطاب الديني لانه اذا كان لدينا خطاب ديني مستنير ما استطاعت هذه الافكار الغريبة ان تتسرب الى عقل وفكر المواطن نحن نحتاج الى خطاب ديني يقدم صحيح الدين ويبعد عن الغلو ويقدم التيسير وليس التعسير يصيغ رسائله للترغيب وليس للترهيب ويجيب على اسئلة الشباب ولا يتركوهم فريسة للزيف والاباطيل لذلك في لقاء الرئيس بالدعاة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حثهم على ضرورة تجديد الخطاب الديني لانهم اي الدعاة سوف يسألون عن ذلك عندما يقفون امام الله سبحانه وتعالى ودعوني اتحدث بصراحة اكثر ماذا يفعل خطباء المساجد ؟ نجد بعضهم لايملك سوى الحديث عن الجنة والنار ولا يتفاعل بمشكلات المجتمع كأنه يخشى إن تحدث فيها فإنه سوف ينزلق الى الحديث في السياسة وهو يعتقد أن ذلك أمر مكروه وأتصور ان ربط الفكر الديني بصحيح الدين بحياتنا ضرورة وننحي علاقة الفرد بربه جانبا لان تلك علاقة المخلوق مع خالقة ولن تستوي هذه العلاقة بالوعظ والإرشاد بقدر ان توجد مساحة من التصالح مع الله ومن تصالح مع الله تصالح مع نفسه ووضعها على طريق ان يصبح الانسان انسانا بمعنى الكلمة وهنا لن تؤثر فيه اية افكار غريبة او شاذه وعليه تجديد الخطاب الديني ضرورة حتمية لمواجهة عملية تغييب الوعي .