محمد يوسف العزيزي يكتب… “يا روح ما بعدك روح ..!!”

عمار يا مصر
ليست ( روح ) السبكي التي شغلت الرأي العام المصري ، وجعلت رئيس الوزراء يتدخل شخصيا ليمنع عرض الفيلم الذي يحمل اسم ( حلاوة روح ) وقامت الدنيا وقتها ووقف أصحاب الفيلم علي أطراف أصابعهم ، ووقف معهم بعض تجار الحرية مهما كانت عواقبها ، ووقف نقاد يرون حرية الإبداع شيء مطلق لا معقب عليه ولا منتقد له ، ودخل علي الخط علماء وباحثون يتحدثون عن القيم والمثل التي تحكم المجتمع ولا يجب التفريط فيها ، وأساتذة جامعات يرفضون ويؤيدون ما جاء من مشاهد بالفيلم بعضهم يراها سلبية والبعض الآخر يراها إيجابية ، وظهر السبكي منتج الفيلم كأنه بطل مغوار من أبطال الحرية علي كل الشاشات يهدد ويتوعد ويتهم كل من يعارض الفيلم بالجهل أحيانا وبالغباء أحيانا أخري وأنه يفهم في السينما والفن كما يفهم في اللحمة والفشة والكرشة !! ثم توجه إلي القضاء الذي حكم بعودة الفيلم ‘لي دور العرض ولا معقب علي حكم القضاء ، وتوته توته خلصت الحدوتة فهل يا تري حلوة ولا ملتوته !!
وهي كذلك ليست ( روح ) الشفقة والحنية الزائدة عند هؤلاء الذين يظنون أن حقوق الإنسان وضرورة الدفاع عنها مقصورة فقط علي هؤلاء الذين خلف القضبان بسبب ارتكاب أفعال يحاسب عليها القانون ، بينما لا نري شفقة أو حنية علي هؤلاء الذين يسقطون برصاص الإرهاب وغدره بدم بارد ولو بالكلام والعزاء !!
الروح التي أعنيها هي تلك التي إذا تاهت تاه صاحبها وضل الطريق الصحيح وذهب في سكة ( اللي يروح ميرجعش ) ولا أمل في عودته ! أو هي تلك التي إذا خرجت من الجسد مات وذهبت عنه الحياة، لذلك هذه الروح هي التي ليس بعدها روح !
الإرهاب يضرب باريس ويسقط 12 قتيل أو يزيد قليلا بينهم شرطيان رجل وامرأة.. قامت الدنيا .. انطلقت التصريحات من منصاتها قوية وحاسمة .. تحرك العالم وتحركت دول وأجهزة مخابرات كانت وما زالت ضالعة في صناعة هذا الإرهاب الأسود ( فكرة وتدريب وتمويل بالمال والسلاح وأيضا غطاء سياسي ) ، وهي لا تعرف درس التاريخ الذي يقول : في النهاية ينقلب السحر علي الساحر ، وهو ما نراه الآن في فرنسا ، وغالبا سنراه في دول أخري !!
بسرعة يطلب الرئيس الفرنسي من الفرنسيين الخروج لرفض الإرهاب ويطلب تفويضا لمواجهته ، وبسرعة أيضا يشارك رؤساء دول ورؤساء حكومات ووفود رسمية في التظاهرة من أكثر من خمسين دولة ، ويكون خبر الإرهاب في باريس هو الخبر الأول في كل الصحف ووكالات الأنباء العالمية وعلي غير المعتاد يتم الاتفاق علي مؤتمر دولي في واشنطن لمواجهة الإرهاب – لطالما قلنا هذا ولم يستمع لنا أحد — وفي الطريق إجراءات أخري قادمة سوف يفعلها الغرب كله ينسفون بها كل ما كانوا يتشدقون به باسم الحرية وحقوق الإنسان !
طبعا يا روح ما بعدك روح.. عندما يقترب الخطر منهم ، وعندما تدور عليهم الدائرة .. وعندما يشعرون بالخوف من الموت غدرا وغيلة.. هنا تسقط الأحلام وتتداعي حقوق الإنسان ويكشف الغرب كله عن وجهه القبيح ، لكنه لا يحاسب نفسه ولا يراجع مواقفه المنحازة ولا يفكر في أن يري الحقيقة كما هي أنه هو من صنع الإرهاب ، وهو من يعمل علي تفتيت الدول وهو من يصنع السلاح الذي يٌقتل به الآن وهو من يسهل لهذه الجماعات الضالة حرية الانتقال من بلد إلي آخر !!
هل لم يتذكر الغرب صور مذبحة رفح الأولي والثانية .. هل لم يشاهد صور مذبحة الفرافرة .. هل لم يتحرك ضميره عندما شاهد صور مذبحة كرداسة .. هل لم ينتبه وهو يشاهد صور الرؤوس التي تطير من فوق أجساد الناس في المنطقة كلها .. هل لم يتابع تفجيرات مديريات الأمن في المنصورة والقاهرة ؟!! أعتقد أنه تذكر وشاهد وانتبه وتابع كل هذا.. لكن ولأن الروح ليست روحه لم يفعل شيئا سوي الإدانة باللفظ فقط مع توجيه رسائل مشبوهة تتحدث عن المطالبة بالحرية والديمقراطية وعدم حرمان أحد من المشاركة في الحياة السياسية.. يقصدون بالطبع الجماعة الإرهابية
الآن يدرك الغرب معني الروح التي ليس بعدها روح .. لكنهم لم يدركوا بعد كيف يعالجون الأمر الذي صنعوه وتورطوا فيه.. الآن ينظرون للتجربة المصرية في مواجهة الإرهاب لكنهم لن يدعموها.. لأنهم في النهاية يريدون الجائزة الكبرى ( مصر ) وهذا لن يكون أبدا .. لأن يا روح ما بعدك روح.. علي طريقة المصريون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *