Breaking News

ابراهيم الصياد يكتب… ” الإعلام وتغييب الوعي.. !! “

في المقال السابق اشرنا الى ثمة خطر بشان غياب الرغبة في تجديد الخطاب الديني في مواجهة عملية تغييب الوعي التي يمارسها البعض لاسيما على مستوى اداء الاعلام المصري وتحديدا في في بعض القنوات الفضائية من خلال التعاطي مع موضوعات هدفها الإثارة وشد المتلقي الى افكار غريبة ولا يخرج منها سوى بالبلبلة الفكرية والإلهاء عن مشكلات حياته اليومية .

وسنحاول اليوم إلقاء الضوء على بعض الأسباب التي تساعد على تكريس حالة التردي الاعلامي في محاولة لتشخيص واقعي لأمراض الآداء على الساحة الإعلامية ومن بينها أن مهنة الإعلام أصبحت اليوم مهنة من لامهنة له نتيجة عدم وجود ضوابط لممارسة المهنة .

ونوضح على سبيل المثال لا الحصر ان مبنى ماسبيرو في سابق العهد او دعونا نقول في ايام الرواد الذين تعلمنا الاعلام على ايدهم امثال احمد سعيد امين ونوال سري وعثمان العدل واحمد سمير وزينب الحكيم وسمير التوني وغيرهم من اساتذه الاعلام .

وكانت هناك معايير لدخول هذا المبنى تحرص هذه القامات على تنفيذها ولم تكن الواسطة او المحسوبية طريق النجومية كانت الإجادة والموهبة جواز المرور للعمل الاعلامي سواء كنت مذيعا او مراسلا او محررا او مترجما او مخرجا ولم يكن الظهور على الشاشة بالسهولة الموجودة اليوم كان لابد للمذيع المبتدأ ان يتدرب حتى يجيد

فنون التقديم والإرتجال والحوار ويتعلم التحرير الإخباري وكتابة النص التليفزيوني حتى ولو استغرق هذا التدريب سنوات ويؤسفني القول إن الأجيال الجديده مستعجلة في كل شيئ لدرجة ان ظهورهم على الشاشة والوقوف امام الميكروفون يأتي بشكل سريع جدا بلا نضج ويحدث تمرير لكثيرين لديهم من العيوب في الصوت والصورة والآداء بل يفتقد البعض منهم لأهم شرط في الظهور الإعلامي وهو الشخصية او بلغة الإعلام المصداقية أو القبول وبإختصار نعرفها بإنها العلاقة ( الودودة ) المباشرة بين المذيع والكاميرا أو الميكرفون وهي علاقة ربانية يولد بها الإنسان وتكبر معة ولا تكتسب بالخبرة او حتى بالتدريب إلا فيما ندر .

سبب آخر لتردي الاعلام زيادة عدد القنوات التليفزيونية سواء في الاعلام الرسمي او الإعلام الخاص ما آدى الى سيطرة الكم على الكيف حيث تراجعت معايير الاختيار الموضوعي لاطراف المنتج الاعلامي وتسرب الى هذه القنوات من قلت عنهم من لامهنة لهم من باب الواسطة او ” الفهلوة ” على اعتبار ان الاعلام من وجهة نظرهم هو نوع من الفهلوة اذا جاز التعبير .

ومن باب انتقادنا لسيطرة الكم نشير الى اتساع وجود كليات ومعاهد الاعلام واقسام الاعلام بكليات الاداب بالجامعات الحكومية والخاصة الامر الذي ادى الى تخريج اعداد كبيرة من دارسي الاعلام النظري دون التعمق في الدراسة التطبيقية ولم تستطع النوافذ الاعلامية التقليدية او نوافذ الاعلام الجديد او الاعلام الاليكتروني ان تستوعب

كل هؤلاء الخريجين لان هناك سببا اخر هو المزاحمة من قبل التخصصات غير الاعلامية في سوق الاعلام وربما بعض هذه التخصصات قد أتت أكلها اكثر من تخصص الإعلام .

و اعتقد ان مراجعة فكرة سيطرة الكم والاهتمام بالكيف سيساعد على استرداد عافية الاعلام المصري الذي يعاني من حالة التوسع الافقي الكمي دون الاهتمام بالعمق وتطوير المحتوى !

غير ان كثيرا من القنوات الفضائية تحت ضغط آليات السوق تحولت الى شبكات تسيطر عليها اعتبارات الفكر الرأسمالي من منطلق أن الإعلام اصبح صناعة واستثمارا وتلك حقيقة لانستطيع إنكارها لكن لا يجب إهمال الجانب المتعلق بالتطوير البرامجي ويعتبر الإرتقاء بجودة آداء العنصر البشري احد اهم محاوره وليس البحث فقط عن الاسماء اللامعة في بورصة مقدمي التوك شو كما نرى اليوم في كثير من القنوات الفضائية الخاصة وللحديث بقية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *