عمار يا مصر
يبدو أن الليمون له نصيب وافر من الحديث عن السياسة .. شئونها وشجونها ..ويبدو أن مصطلحا آخر له علاقة بالليمون يفرض نفسه علي الأحزاب السياسية — بكل تنويعاتها وأطيافها وأيديولوجيتها — التي تخوض غمار حرب ليس من أجل الوطن ، ولكن من أجل مكاسب ذاتية ومنافع شخصية أقلها الظهور بكثافة علي مسرح السياسة والوقوف طويلا تحت كشافات الأضواء الساطعة ، كما تخوض أيضا ( الأحزاب ) صراعا ليس من أجل الوطن ، وإنما من أجل تصفية حسابات مع أنظمة ثار عليها الشعب مرتين .. فساد نظام مبارك وفاشية وخيانة نظام الإخوان مما يعطي الفرصة لهذه الأنظمة الرد والدفاع عن نفسها فتنطلق حملات التشويه والاتهامات بين كل الأطراف ويتفرغ كل منهم للآخر للبحث عن مبررات دفاع ووسائل هجوم .. كل ذلك والوطن يئن تحت ظروف صعبة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا ويواجه مؤامرات ومخططات عربية وإقليمية ودولية !!
العدد في الليمون هو توصيف لحالة الأحزاب والتيارات السياسية الكثيرة التي ما إن تتفق حول قضية – إذا حدث ذلك – حتى تعلن الاختلاف قبل انتهاء الاجتماع أو عقبه مباشرة ، وتخرج تصريحات الخلاف إلي الفضاء ويتبادل الجميع الاتهامات .. هذا أفشل الاجتماع ، وهذا لم يوافق رأينا ، وهذا تحفظ .. وهذا تشكك في المسألة كلها !! ويعود الجميع إلي نقطة الصفر .. كل هذا والوقت يداهم الجميع بلا طائل ولا عائد.. كل فريق يضع مصلحته أولا ثم يأتي أي شيء بعد ذلك حتى وإن كان الوطن.
علينا أن نعترف أننا أمام أزمة أو حالة مرضية مزمنة منذ عودة الأحزاب منتصف سبعينيات القرن الماضي أي ما يقرب من أربعة عقود تصنع فيها أمم كثيرة تقدما سريعا لكنا – للأسف – لم نجن من التجربة غير اسمها فقط أحزاب سياسية بلا حياة حقيقية لذلك ظلت تعاني منذ النشأة من حالة ضمور جسدي فلم تكبر أو تتمدد ، وظلت في حاجة إلي تنفس صناعي لتبقي علي قيد الحياة ثم تحول بعضها أو أكثرها إلي أحزاب كرتونية .. وعرفنا الحزب الصحيفة والحزب الشقة والحزب اللافتة والحزب العائلة وحزب المؤتمر الواحد والسرادق الواحد .. وهلم جرا ..
بعد 25 يناير انفجرت ماسورة الأحزاب السياسية علي كل شكل ولون ، وخرجت للحياة أحزاب سياسية يعجز خبراء السياسة وشئون الأحزاب حصرها أو حفظ أسماءها للدرجة التي جعلت البعض منهم يردف كلامه عن عدد هذه الأحزاب بكلمة ( تقريبا ) خوفا من الخطأ فيخرج علينا رئيس حزب ليقول .. نحن هنا لماذا تتجاهلوننا ؟
كل هذه الأحزاب التي لا تملك غير الاسم وشقة ولافته تثير لغطا وجدلا وضوضاء وصخبا وكأن الملايين من الأعضاء في جداول عضويتها ، لا تمل ولا تكل من الشكوى أنها لم تأخذ فرصتها في الشارع ولن تستطيع أن تنافس علي مقاعد البرلمان ، ولا تنال حظها من الظهور الإعلامي علي شاشات الفضائيات .
الشاهد أن الرئيس السيسي عندما اجتمع بهم علي مرحلتين وطلب منهم تشكيل قائمة وطنية موحده تعمل لصالح الدولة في هذا الظرف الدقيق الذي تمر فيه البلاد لم يقصد – في تقديري – البحث لنفسه عن ظهير سياسي أو بطانة يتدثر بها من تقلبات البرلمان كما يقول لسان حال البعض .. لكنه يريد بهذا الطرح أن يصطف الجميع لبناء الدولة واستكمال مؤسساتها علي قاعدة الوطنية والانتماء للدولة وليس لفرد
عقب دعوة الرئيس – أو بالأحرى نصيحة الرئيس – تلقف البعض الدعوة وسعي لتشكيل قائمة وطنية ، وأظن أن الاستجابة لم تكن نابعة من الحرص علي مصلحة الوطن بقدر ما كانت ( نحن استجبنا وعملنا اللي علينا ) !! ولهذا اختلفوا وذهبت ريحهم ووقفت مصلحة كل حزب أو تيار أو جبهة حجر عثرة أمام الاتفاق علي قائمة وطنية تخرج بالبلاد من مأزق التشرذم والتشظي ، وفشلت المحاولات ، وأظنها ستفشل لو حاول بعض آخر تكرار المحاولة وسيكون مبرر الفشل هو عنصر الوقت الذي أصبح ضاغطا علي الجميع ونحن قاب قوسين أو أدني من بداية العملية الانتخابية التي سوف تفرز برلمانا جديدا هو الأخطر والأهم في التشريع خلال السنوات الخمس القادمة لبناء مصر الجديدة التي نحلم بها
العيب ليس في الشعب .. العيب في أحزابه– التي بعدد الليمون — التي تدعي المدنية وتختلف مع بعضها البعض وهي تواجه الأحزاب الدينية التي يجرم الدستور وجودها فتبدو ضعيفة غير قادرة علي صناعة موقف محدد وواضح تجاه الدولة ، والعيب في نخبته السياسية التي تتغني بحب مصر قولا وليس عملا !!