4GW أو حروب الجيل الرابع تعبير سياسي وعسكري ظهر في الكتابات الامريكية تحديدا منذ عام 1989 مع إنهيار ما كان يسمى الإتحاد السوفيتي ويقصد بها الحروب غير التقليدية التي تجري رحاها دون مشاركة من الجيوش النظامية ويسميها البعض بالحروب غير المتماثلة.
وعاد المفهوم ينتشر بقوة بعد ما عرف بثورات الربيع العربي و تزامن طرحه مع نظرية الفوضى الخلاقة التي تبنت تطبيقها في منطقة الشرق الأوسط الولايات المتحدة وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته المسجلة التي أذيعت موخرا إلي هذا النوع من الحروب بإعتباره أقرب ما يكون الى الأدوات الإستخباراتية منها الى الأدوات العسكرية بل يمكن القول إن لها أبعادا دعائية وإعلامية تستهدف خلق جملة من التأثيرات السلبية على إتجاهات الرأي العام من أجل نشوء حالة من الإستياء العام ضد الأنظمة الموجوده تتدرج الى مستويات أكثر خطورة بشكل يهدد الأمن القومي وتستغل المشكلات الحياتية للمواطن لتحولها الى نقمة ورفض ومناهضة لأنظمة الحكم كما يستغل الإرهاب وسيلة لصب الزيت على النار .
وتساهم عوامل قد يراها البعض عادية لكنها في منتهى الخطورة مثل مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر في بث الشائعات وانتشار الأفكار المغلوطة . وعلى المستوى السياسي – وفي تقديري هو المستوى الأخطر -تعمل حروب الجيل الرابع
على تغذية النعرات العرقية والطائفية وتزرع أسافين بين الأقليات القومية بغرض تفتيت الدولة وتحويلها الى دويلات أو الى ما يمكن تسميته (كانتونات ) صغيرة تضيع معها حقوق السيادة الوطنية التي تعد من مكونات القوة القومية لأي أمة وهذا يذكرنا بإتفاقية ( سايكس بيكو) عام 1916 ،و كانت تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.
ولكن هذه الإتفاقية عكست آنذاك فكرا استعماريا في حين نظرية التقسيم الحديثة تستند الى فكرة التجزأة الإقليمية دون السيطرة العسكرية او الإحتلال بمعناه القديم و تعمل على نشر الفكر الإنعزالي بشكل يخلق دويلات ضعيفة تكون في حاجة دائمة الى حماية دول أقوى بعبارة اخرى كل الدول العربية يجب ان تصبح قابلة للتفتت اي ان الدولة الواحدة ستقسم الى اكثر من دولة داخل الإقليم الواحد وفي تقديري إن هذا فكر شيطاني و بمثابة مؤامرة كبرى تطيح بفكرة الدولة القومية وتعيد إلى الأذهان نظرية انهيار العالم المتحضر أو على الأقل اخراج دول العالم العربي والإسلامي من دائرة الحضارة الحديثة على مختلف الأصعدة ومن ثم العودة الى عصور الإنحطاط والتخلف .
وقد يتساءل البعض ما الذي سيستفيده مروجو نظرية حروب الجيل الرابع ؟
هناك استفادة على المستوى السياسي هي منع دول بعينها في الشرق الاوسط مثل مصر وسوريا والسعودية والعراق وليبيا من أن يكون لها كيان وقرار مؤثر بالمنطقة وإبراز اسرائيل كدولة قوية تفرض نفوذها على بقية الشعوب المحيطة بها وفي الوقت نفسه منع المد الإسلامي الوسطي المستنير من الإنتشار والحفاظ على فكرة ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين .وعلى المستوى الإقتصادي هناك استفادة تتمثل في السيطرة الإقتصادية ونهب ثروات المنطقة وتحويل كل الدويلات العربية الى اسواق استهلاكية فقط بعد أن تتعرض شعوبها لعملية تكسير عظام من الناحية الاقتصادية .
وفي تصوري إن دول الخليج ستكون مستهدفة اقتصاديا مع محاولة إثارة النزاعات القبلية الكامنة بين سكانها بينما تصبح مصر وبعض دول المغرب العربي مستهدفة سياسيا واقتصاديا في آن واحد وفي الوقت نفسه تتم عملية تكريس لحالة الفوضى في دول العراق والشام وجنوب الجزيرة العربية وتحديدا في اليمن التي قد تتحول الى صومال جديده ، إن هذا هو الواقع العربي الذي يريده هذا الفكر الشيطاني والذي لانتمنى ان نصل اليه ليطرح سؤال نفسه ما العمل ؟ تلك قضية اخرى !