عصفوران يُطارد كل منهما الأخر ، يتلاحقان من غُصن إلى غُصن ، ينطلقان ولا يستقران ، تراهم وكأنهم يرفضان الإستجابة للأُلفة فى وقت يتمنيانها عن قُرب ، وجد أنه لابد من أن يتطلفها ويتوددها ويُغازلها ، على الرغم من فُقرحاله فى إجادة فن الغزل ، مصراًً رغم إصرار إليفته الفلال ، وفجأة إمسكت جناحاه جنحايها حتى إقترب ملامساً ومداعباً فإستسلمت له فى وقت نشت ” من نشوة العشق ” فيها بعشقه ، فتعانقا يفرحان فى أنهما أعلنوا فرحة الإنتصار بحبهما .
وها أنا ذا ضربات قلبى ترتفع ، جسدى يرتعش ، تقتلنى لهفات لهيب شوقى لها وتزيد أنفاسى حراراً للقاءها ، أناملى ترتعد ، لم أستطيع إخماد نبضات قلبى فقد إمتزجت نبضات قلبها متحدين يقاتلانى على القرب منها ،” ياليته لم يكن فى الدنيا ليل حتى لا يخرج على الصباح ، فكم أنا أرتجف من قُرب ظهور هذا الصباح ” كلمات قالها لسان حالى وصفاً “…..عيناه محملقتان فى السماء مضجعاً على أريكته المملؤة بالخطابات الوردية تتناثر هنا وهناك على أطراف الأريكة ، وسطت خصلة من شعرها، وطرة لمعشوقته تظهر من تحت تراكم الخطابات ، ينظر إليها بعد هدوء عيناه وإلتقاط إنفاسه متحيراً من حاله :” كم أهواءك يا عمرى وكم أنا قلق على فراقتك غدا الذى أراه فى هروب عيناك وخجل عيناك الجميلتين”، يتحدتثها ويخُاطبها ويتلقى إجابته من شلالات إخطلات نبضات قلبها بقلبه ، فيجيب على نفسه :” أنى عشقتك وإنى لم يكن لى بك عهداً فى الدنيا ، فجنة الله موعدناً” ، نظراتها تنطق بما فى قلبها ،وكأنهما ً يحملا وليداً حلما به طيلة عمرهما ، يبنيان له مستقبلاً حتى أنهما فرغاً عشقهما بين أحضان وليدهما ، أقسما لهما” لبعضهما” أن لا يدخلان محرابهما غيرهما ، واهباً كلاهما العمر والعشق للأخر ، ترتخى جفونه تائه فى خيال لقائها حتى تذكر أبياتاً شعرية من نسج الجويدة ، ظناً منه أنه نظمها من أجله فى وقت إرتجف اللسان عن أن يقولها من شدة أمتزاجه بعشقها ، فوجد نفسه يردد ويداه مضمومتان إلى فمه تتلقيان سحابات أنفاسه المحرقة وسط برودة الشتاء ، وتتقاطر حُبيبات الثلج بين فتحات أصابعه ، تخرج منها كلمات وأبيات “جويدة .
لماذا أراك على كل شئ …… كأنك فى الأرض كل البشر …. كأنك دربٌ بغير إنتهاء وإنى خُلقت لهذا السفر … فإذا كنتُ أهرب منك اليك ، فقولى بربك أين المفر ؟؟