إن ما تمر به مصر اليوم يعرف بمرحلة التحول الثوري ، التحول الذي كان يجب أن نحدثه بأنفسنا . والأمر هنا حتمي ، سواء رغبنا أم لم نرغب ، فالتحول الثوري قد بدا . وعلينا أن نفتح أعيننا إلى ما هو قادم ونكون أمة تبني مستقبلها على التخطيط وليس رد الفعل.وفي مرحلة التحول الثوري صاحب القواعد الجامدة هو المحكوم عليه بالتهلكة والضياع . فالقاعدة الأولى في مرحلة التحول الثوري هي ألا تكون هناك قاعدة تسد علينا طريق المغامرة والمبادرة والخلق. أن ” الجديد ” لم يتحدد بعد ، حتى يجوز لنا أن نقعد له القواعد ونقنن له القوانين . الجديد هو في طريق الصنع ، نحن الذين نصنعه في مراحل التحول هذه . نبتكر لكل موقف ما يلائمه . ونلاقي كل مشكلة بما يناسبها. وإننا إذ نشكل المواقف ونشكل في صورتنا الجديدة ، فلا بد أن يكون من صفات هذه المرحلة تغير لحظي ومستمر . ليس العيب هو في هذه المراجعة الدائبة لنظم الحكومة والسياسة ، والعلاقات الخارجية ، …. الخ ، إنما العيب هو الوقوف عندما كان قائما ، كأنما هو الأزل الذي لا يبيد. فحقائق الأشياء لا تثبت هكذا ولا تستقر ، إلا حين تجمد أوضاع الحياة على حالة هادئة ساكنة يرضى عنها الإنسان . أما حين يزول عن الإنسان الرضى ، ويهم بالانتقال إلى حالة أخرى ، فعندئذ تكون حقيقة الكائنات أنها تتغير ، وخاصة الإنسان.والإنسان في مرحلة التغيير يجب أن لا يخجل من أن يهز القيم ويرج المعايير ، فلا ينبغي أن تكون لشيء أو لفكرة. أو لوضع ، أو لنظام معين ، حصانة تصونه من النقد والتصحيح . فكيف يتم التغيير بدون أن نقع على أوجه النقص وننقدها ونصححها ، لكي نكشف حقيقتها وتتعرى للجميع. ” فالتحول الثوري انتقال من حال إلى حال ، وأول الخطأ أن نوجه أنظارنا إلى حال المبتدأ ، أو أن نوجهها إلى حال المنتهي ، لأن مرحلة التحول الثوري هي الواقعة بين الحالتين . فليس صواب أن نقيسها بمعايير الماضي ، أو أن نقيسها بمعايير المستقبل الذي سوف يكون . فكأنما الحاضر التحولي هو مرحلة المراهقة في حياة الإنسان الواحد ، فلا هو الطفل الذي كان ولا الرجل الذي سيصبح”