يتطلع كل المصريين بأمل الى شرم الشيخ حيث ينعقد مؤتمر مصر المستقبل الذي يعتبرحدثا كبيرا و خطوة ايجابية اتخذتها الحكومة المصرية لانقاذ الاقتصاد المصري بعد سنوات من الإنهاك لا تقف فقط عند السنوات الاربع التالية لثورة الخامس والعشرين من ينايرفقط بل قبل هذا التاريخ بسنوات عديدة عندما سيطرت خلالها المسكنات على الاداء الاقتصادي لتصوير ان منحنى النمو الاقتصادي والاجتماعي متزايدا ولكن لم يكن هذا سوى نمو ظاهري لانه لا يعكس ارتفاعا لمتوسط الدخل الحقيقي للمواطن المصري بدليل الخلل المستمر في موازنة الدولة وارتفاع الدين العام الى ارقام فلكية .
ومن واقع البيانات المعلنة بنشرة البنك المركزي المصري لشهر يوليو 2014 ، نجد أن إجمالي الدين العام المحلي قد بلغ 1.7 تريليون جنيه مصري بنهاية مارس 2014 ويضاف إليه الدين العام الخارجي المذكور بنفس النشرة، والبالغ 45.2 مليار دولار، وبتحويل هذا المبلغ للجنيه المصري (حسب سعر الصرف الرسمي للجنية المصري امام الدولار)، نجد أنه يصل إلى 323 مليار جنيه .
وبذلك يصبح إجمالي الدين العام (المحلي + الخارجي) 2.02 تريليون جنيه مصري، أي ما يعادل نسبة 99.5% من إجمالي الناتج المحلي الذي قدرته الحكومة للعام المالي 2013/2014 بـ2.03 تريليون جنيه هذا هو الواقع الاقتصادي بلا رتوش .
من هنا تأتي اهمية هذا المؤتمر الذي من المفترض ان تطرح فيه فرص حقيقية للاستثمارات داخل السوق المصرية وكيفية إعادة التوازن لميزان المدفوعات بتشجيع الصادرات والكف عن الاستيراد الترفي وقصره فقط على السلع والخدمات التي يحتاجها المجتمع وإعادة تفعيل مايسمى بالميزة النسبية في العلاقات التجارية بين مصر والدول الاخرى بالاضافة الى تنويع مصادر التعاون الاقتصادي وعدم قصره على دولة او دول بعينها .
وفي الوقت نفسه يجب ان نتكلم بصراحة عن الأسباب غير الإقتصادية للمشكلة الاقتصادية التي نعاني منها والتي تتلخص في عدم كفاية الموارد المتاحة داخل مصر للحاجات المتعددة للمواطن ومن هذه الاسباب انتشار الفساد وعدم وجود قوة رادعة لانفاذ القانون الامر الذي ادى الى استهانة الفرد بالحق العام وانفصل على المسئولية الاجتماعية واتصور ان هذا يرجع الى التنشئة السياسية والاجتماعية للمواطن منذ نعومة اظفاره وضعف الشعور بالانتماء للوطن .
اذن لابد من وجود ظهير سياسي واجتماعي لعملية التعافي في حالة الاقتصاد المصري بعبارة اخرى ان الاقتصاد ليس مجرد ارقام او حقائق مجردة هو في الواقع نتاج لحالة مجتمعية عامة اما تساعد على خلق المواطن القادر على الانجاز لتحقيق معدلات اسرع في التنمية السياسية والاقتصادية او تساعد على خلق مواطن كسول تعلم ان يأخذ اكثر مما يعطي مواطن انتاجيته الحقيقية لا تتعدى 30 دقيقة شهريا وتلك الطامة الكبرى لاننا كيف نريد اعادة البناء في ظل فشل في توظيف الموارد البشرية للمجتمع وهي اغلى الموارد على الاطلاق فهما كان لدينا من موارد اخرى مع عدم وجود فكرانساني واعي للاستفادة من الموارد فاننا كمن يحاول ان يبنى قصورا على الماء .
ما تقدم يشير الى أن مؤتمر شرم الشيخ لن يحل بين ويوم وليلة كل مشكلاتنا الاقتصادية انما هو خطوة على طريق طويل يرسم لنا خارطة طريق نحو غد افضل معنى ذلك ان المصري مطالب بتغيير إيجابي نمطي وسلوكي في كل حياته المهم ان نبدأ مهما كانت صعوبة البداية .
وأعتقد ان هذا المؤتمر سوف يرسي قاعدة لمنتدى مصر الاقتصادي السنوي على غرار منتدى دافوس حتى نضمن الاستمرارية ولا تختفي الحلول والبدائل بمجرد انفضاض المؤتمر نريدها ارادة تجعل منا نموذجا إيجابيا في المنطقة ونؤكد عبر هذه الإرادة أن مصر قد استطاعت رغم كل الظروف القاسية ان تخطو الى طريق المستقبل بشرط أن يتوازى مع ذلك جهد غير مسبوق لاستعادة الاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي اعلم ان المهمة صعبة لكن ليس لدينا ترف الإختيار !!