قال دكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة إن وثيقة سد النهضة التي وقعت في السودان تعد اتفاقية إطارية يعقبها اتفاقيات لاستكمال الأمر، ومن الخطأ الكبير على مصر أن تتفاوض وتتفق مع إفريقيا على سد وكان ينبغي أن يكون التفاوض على المياه وحصتها من المياه وبعده لأثيوبيا أن تبني ما تشاء من السدود بعد إلزام الاتفاقية لها بحماية حصة مصر من المياه، مضيفًا أن ماحدث مبدأ جديد لم يحدث من قبل في تاريخ الدبلوماسية المائية أن توقع دولتين اتفاقية بشأن سد فحتى مصر والسودان عندما وقعا اتفاقية 1959 بعد بناء السد العالي أسموها اتفاقية تقسيم مياه النيل ولم تسمى السد العالي وهذا وضع غريب لم يحدث في العالم وقد دفعت أثيوبيا إليه لتبعد مصر عن حصة المياه.
وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء ONA وتابع أن البدائل المتاحة هي تحلية مياه البحر فلو تم إنشاء 17 محطة تحلية على البحر المتوسط والأحمر بأمكانيات المملكة العربية السعودية البترولية ستوفر لنا 5 مليار متر مكعب من المياه بينما هذا السد ينقص حصة مصر على أقل تقدير بحوالي 12 مليار سنويًا في حين أننا نواجه عجز حالي يصل إلى 30 مليار فكيف لنا بتعويض تلك النسبة، ونحن 90 مليون نسمة يلزمهم 90 مليار متر لكننا لا نملك سوى 55.5 مليار من مياه النيل بجانب 5 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية أي أن إجمالي ما تحصل عليه مصر من مياه 60.5 مليار وهذا يعني أنه يوجد عجز يقدر بـ 30 مليار ولم يعد من المحتمل أن ينقص السد الأثيوبي 12 مليار إضافية.
وأكد نور الدين أن عملية امتلاء الخزان ستفرغ بحيرة السد العالي من المياه وأنه كان من المفروض أن يعي المفاوض المصري أن النيل الأزرق نهر صغير كل المياه التي يحتويها 48.8 مليار كل سنة لا يمكنه أن يملء بحيرتين معًا في وقت واحد حيث تبلغ سعة البحيرة الأثيوبية إلى 74.5 مليار وبحيرة السد العالي تصل إلى 90 مليار، مضيفًا أنه بمجرد بدء أثيوبيا في توليد الكهرباء بسد النهضة سيتوقف توليد الكهرباء بالسد العالي وهو أمر مخالف للقانون الدولي والذي يشترط ألا تضر المنشأت الجديدة بإنشاءات قديمة قائمة بالفعل بالإضافة إلى أن كمية الطي التي يحملها النيل الأزرق تصل إلى 136 مليون طن ستقوم بردم السد خلال 40 عام وفي النهاية سيضطرون لبناء 4 سدود أخرى ليحبس كل منهم كمية من الطمي وكل ذلك لم يلتفت إليه المفوض المصري.
وقال أن أثيوبيا أشترطت ألا تتضمن الوثيقة أي إشارة للمياه أو حصة مصر منها وهذا خطأ كبير وقع فيه المفاوض المصري وبالتالي ينبغي أن يحدث كما أشار الرئيس في حديثه أن يعقب ذلك اتفاقيات تضمن التوافق مع أثيوبيا حول حصة مصر المحددة من المياه، متابعًا أنه كان ينبغي أن يكون التوافق مقابل اعتراف أثيوبيا بحصة مصر من المياه سواء عند مستوياتها الحالية أو عند تعديل طفيف، لكن الموافقة المجانية التي منحتها مصر أمر صعب للغاية لم يكن من المنتظر أن يخرج من مدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة ولا مدرسة الري العريقة ويتحقق لأثيوبيا الانتصار عليهم بهذه السهولة.
وأشار إلى أن الأمر يبدو وكأنه توافق دبلوماسي وليس فني لذا هذه الوثيقة تسمى وثيقة دبلوماسية حيث وافق عليها الرؤساء وليس الفنيين، وأن للفنيين أعتراضات كثيرة عليها وكان ينبغي ألا تقدم مصر هذه الموافقة المجانية لأثيوبيا دون مقابل وسيعود كل التمويل الدولي لأثيوبيا مرة أخرى بعدما أصبح للسد شرعية بموافقة مصر عليه.