Breaking News

وزير الأوقاف يكتب : القمة العربية آمال و تحديات

لا شك أن القمة العربية التي تعقد السبت الموافق 28 مارس الجارى بشرم الشيخ والتي يجري التحضير لها الآن على مستوى وزراء الخارجية هي قمة استثنائية بكل ما تعنيه وتحمله الكلمة من معان , نظرًا للتحديات التي تحيط بنا , والظروف المعقدة والمتشابكة التي تدور حولنا .
والذي لا شك فيه أيضًا أن الوحدة سبيل القوة ، والفرقة والشتات سبيل الهزيمة والضعف ، يقول الله – عز وجل- في كتابه العزيز : ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ” (آل عمران : 103) ، ويقول سبحانه: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” ( آل عمران: 105) ، ويقول سبحانه: ” وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ” (الأنفال :46) .
على أن وحدة الأمة العربية أصبحت مطلبًا شرعيًا وقوميًا ملحًا ، واجبًا وليس مندوبًا ، فهي مطلب قومي ؛ لأن دولنا مهددة في كيانها وأصل وجودها , ولا سبيل إلى مواجهة التحديات إلا بوحدة الصف وجمع الشمل والاتفاق على كلمة سواء .
 وقد تعلمنا في سني التعليم الأولي التي نعدها أهم مراحل التعليم قصة ذلك الشيخ الذي أعطى أبناءه حزمة من الحطب لكسرها , فلم يستطع أحد منهم فعل ذلك ، فلما فرقها آحادًا سهل عليهم كسرها وتحطيمها ، فقال لهم : يا أبنائي أنتم مثل حزمة الحطب لا تتكسر مجتمعة ، وإنما تهشم وتحطم متفرقة ، يقول الشاعر :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرًا .:. وإذا افترقن تكسرت آحادا
ومن هنا نضع قضية التعليم وبخاصة المكون الديني والثقافي في جميع المراحل التعليمية تحت نظر قمتنا العربية بقيادتها الحكيمة ؛ لإعطائها المكانة والأولوية التي تستحقها ، ولا يقل عن ذلك أهمية قضية تجديد الخطاب الديني ، فإننا في حاجة ملحة إلى قراءة جديدة لبعض الاجتهادات التي ناسبت زمانها ومكانها وبيئتها ، وأصبح تغيّر الزمان والمكان والأحوال يحتاج إلى اجتهاد جديد في ضوء فهم المستجدات والحفاظ على الثوابت ، مؤكدين أن ذلك كله ليس ثورة على الدين , إنما هي ثورة للدين من أن تتخطفه أيدي العابثين وغير المتخصصين ، ومن ألفوا الجمود وتوقفوا عنده خارج الزمن مقسمين بأغلظ الأيمان أن باب الاجتهاد قد أُغلَق فلم يعد يفتح بعد ، متناسين أو متجاهلين أن الله – عز وجل- لم يخص بالعلم ولا بالفقه ولا بالاجتهاد قومًا دون قوم أو زمانًا دون زمان ، فقد فتح الإسلام باب الاجتهاد واسعًا في كل ما يحقق مصالح البلاد والعباد , مما يجعل وضع آلية عملية لتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وإبراز الوجه الحضاري السمح للإسلام , والخروج من دائرة الجمود إلى دائرة الاجتهاد وإعمال العقل ، ضرورة وتحديا يحتاج إلى جهود وسياسيات هادفة تتحول به من مجرد التنظير إلى تطبيق عملي يلمس أثره على أرض الواقع داخليًا وخارجيًا .
وإنني لأؤكد أن أمتنا العربية بوحدتها وما تملك من موقع جغرافي ، وميزات وثروات طبيعية ، وطاقات بشرية ، وإرادة سياسية ، وقيادات حكيمة ، قادرة على أن تشكل رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه سواء في المحافل الدولية السياسية ، أم التكتلات الاقتصادية والشركات متعددة الجنسيات عابرة القارات , أم المؤسسات العلمية الثقافية والفكرية والمنظمات الحقوقية والمجتمعية ، شريطة أن تتحرك المؤسسات الوطنية والتنفيذية في إطار من التكامل والتنسيق يرقى إلى مستوى ما عليه قيادتنا الحكيمة , مع الإيمان والوعي الكامل بالمصير المشترك , والعمل معًا لصالح جميع دول الأمة وشعوب المنطقة , مع احترام خصوصيات الدول والشعوب والمجتمعات وعدم التدخل في شئونها الداخلية .
ونقول لقادة الأمة الحكماء : إن الظروف مواتية , وإن الأمة كلها تعلق عليكم آمالاً واسعةً عريضةً , فبعد اللحمة العربية وبخاصة الخليجية المصرية التي تجلت في مؤتمر شرم الشيخ , وما حققه من نجاح باهر على المستوى العربي والإفريقي والإقليمي والعالمي صار الأمل في هذه القمة جد كبير , وإنكم أيها القادة الحكماء لقادرون بفضل الله عليكم , ثم بصدق نيتكم وتوجهكم ووعيكم السياسي وحسكم القومي على أن تكونوا عند مستوى طموحات أمتكم وشعوبكم , وعلى مستوى التحديات التي تواجهنا ، فامضوا على بركة الله ، وابذلوا أقصى ما في وسعكم للمِّ شمل الأمة وجمع كلمتها ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية , وثقوا بالله واطمئنوا لوعده ، حيث يقول سبحانه : ” وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ” (آل عمران: 120) ، ويقول عز وجل : ” وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” ( آل عمران :139) .
واعلموا أنكم إنما تؤجرون بنياتكم ، ورب العزة (عز وجل) يقول في كتابه العزيز :” إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا ” (الأنفال :70) ، وإنه لقادر على تجميع القلوب والتأليف بينها , يقول سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” ( الأنفال : 63) ، ويقول سبحانه : ” وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ” ( يوسف :21) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *